أخر الأخبار
المؤتمر الصحفي للحسين طيب الله ثراه بعد معركة الكرامة
المؤتمر الصحفي للحسين طيب الله ثراه بعد معركة الكرامة

متابعات - الكاشف نيوز : الحل العادل هو الحل الوحيد الذي يمكن ان يكون حلا دائما.
* لسنا تجار حروب ولا نحن اناس نقرع اسنتنا هنا وهناك لنتمتع بألعاب الحرب.
* جنودنا حاربوا معتمدين على انفسهم تماما وهم يدركون أن المعركة هي معركتهم وحدهم.
* نحن بكل تأكيد عازمون على ان لا نفرط بحقوقنا ولا نتخلى عن ارضنا او نفرط بأي شيء آخر.
* اذا قدر لنا ان نموت فسنحاول ان يكون الثمن غاليا لاولئك الذي اقترفوا العدوان تلو العدوان.
عمان - عقد المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه مؤتمرا صحفيا في الديوان الملكي الهاشمي ظهر يوم السبت 1968/3/23 حضره اكثر من سبعين صحفيا من مراسلي الصحف والاذاعات والتلفزة المحلية والعربية والاجنبية واستغرق ساعتين، قدم جلالته خلاله تفصيلا عن معركة الكرامة والظروف الدولية والعربية وانعكاساتها على الساحة الاردنية.
مقتطفات من المؤتمر الصحفي...
وتحدث جلالة الحسين طيب الله ثراه عن القضية الفلسطينية التي هي محور الصراع العربي الاسرائيلي برؤية معاصرة، والتي مضى عليها ثلاثة عقود وقال:
اما فيما يتعلق بقضية فلسطين وما هو حق وما هو باطل، فلا اعتقد ان أي شعب في الدنيا وفي أي مكان وفي أي وقت يمكن ان تكون له قضية اقوى من قضيتنا، ان المؤسف هو اننا اعتدنا على قوة قضيتنا واهملنا باستمرار عرضها على العالم.
وهكذا ونحن مسؤولون عن هذا التقصير الى حد بعيد، ونتحمل قسطنا من اللوم فيما حدث، فلا يكفي ان تكون القضية قوية ولكن المهم ان يدافع عنها، وان نكون قادرين على ايصالها بالأسلوب الصحيح، ولكن من الصعب علينا في الاعلام العربي ان نفهم لماذا يعاملنا العالم بالطريقة التي اعتاد ان يعاملنا بها حتى الآن، وكأنه يريد ان يضع اللوم في كل ما حدث علينا وحدنا.
وقال طيب الله ثراه:
لا حاجة بي ان اتحدث كثيرا عن حرب حزيران الماضية ونتائجها، ولا ان اتكلم عما حدث فيما بعد، فقد تحدثت قبل الخامس من حزيران عن الخطر الوشيك، ولا اريد ان اتكلم كثيرا عن الاخطاء وسوء التقدير التي ادت لهذه المأساة حين لم نكن مستعدين، اذ لم نكن قد اعددنا الخطط ولم نعد الموارد الكافية التي تمكننا من الحفاظ على مصالحنا.
واضاف جلالته، انني احاول ان ابين لكم اننا لسنا تجار حروب، ولا نحن اناس نقرع اسنتنا هنا وهناك لنتمتع بألعاب الحرب، وكان علينا ان نواجه العدوان منذ البداية، عندما حرمنا حقوقنا في اعقاب طرد شعب من ارضه وفي أعقاب حرمانه تقرير مصيره، عندما استمر المعتدي في التوسع هذا الوقت، لقد اضطررنا ان نتخذ هذا الموقف ونحمل السلاح، ولكن في الأساس لو تحققت العدالة في هذه المنطقة فإن اهتمامنا وميولنا ستنحصر في مجابهة مشاكل تستحق اهتمامنا وجهدنا.
ان الوقت الذي اخذه مجلس الامن لتبني القرار يدل دلالة واضحة على انه لم يتخذ بسرعة وانه في الوقت الذي اقر فيه كان مقبولا لدى كل الاطراف المعنية.
واوضح جلالته الموقف العسكري مبينا الاستعدادات الاردنية بناء على المعلومات الدقيقة حول تحركات وحشود القوات الاسرائيلية، ويقول طيب الله ثراه:
اما عسكريا فإسرائيل مستمرة باستعمال القوة، والعدوان يتبع العدوان، والضحايا هم نفس الضحايا الذين قاسوا الصعوبات سابقا، انهم ضحايا المدينة وقد بدأت مأساتهم قبل عام 1948..
في ذلك العام زادت آلامهم ويبدو انه كتب عليهم ان يقاسموا الآلام حتى هذا الوقت.
لقد اضطررنا بسبب شتاء قاس ان ننقل اعدادا كبيرة من النازحين من الخيام التي اصبحت مع مرور الزمن بيوتا لهم من المناطق الجبلية الى غور الاردن، حيث قسوة الشتاء والطبيعة، ولكن آلامهم استمرت لأنهم اصبحوا عرضة لاعتداءات اسرائيلية متكررة واصبحوا هدفا للمدفعية الاسرائيلية وسلاحها الجوي، والكثير منهم ما زالوا يقاسون حتى الآن كما تعلمون، وهذا يجعلني اشعر انه يجب على المستوى السياسي إبراز اسرائيل على انها المسؤولة عن عدم تحقيق تقدم سلام عادل ودائم في هذه المنطقة، ان تصرفاتها في هذا المجال لا تشجعنا ولم تشجعنا قط على الشعور بأنها معنية بالسلام وتظل المأساة تكمن هنا اذا لم يفهم العالم هذه الحقيقة بوضوح.
لقد شنت اسرائيل الحرب عام 1956، واقترفت عدوانا بررته بأنها كانت تعمل ضد ما اسمتهم بمتسللين ومخربين، وفي عام 1967 حدث ذات الشيء، ومنذ اسابيع قليلة نشاهد دلائل على ان شيئا سيحدث، فقد بدا ان مهمة يارينغ تواجه صعوبات ولعل نشوة النصر لعبت برأسها وظهرت وكأنها غير معنية بالسلام وقد تكون لديها الرغبة في الاحتفاظ بالأراضي التي تسيطر عليها، ولم تعد في نظر العالم الدولة الصغيرة المهددة ويبدو أنها لم تعد معنية بالظهور على تلك الصورة.
وكنت قبل يوم الخميس بمدة قد تقابلت عدة مرات مع شعبي في الاردن وعلى المستوى العسكري مع اعضاء الحكومة وتحادثت مع الكثير من اصدقائنا، وكان تقديرنا للموقف اننا على حافة مواجهة عدوان جديد اعتقد انه كان الثامن عشر من هذا الشهر عندما ادعت اسرائيل ان لغما نسف (باصا) في الجنوب، وكان هذا حادثا نال دعاية كبيرة وتوقعنا بعده فورا اننا سنواجه عملية حربية بخصوص هذا الحادث.
احب ان اؤكد كما اكدت من قبل أننا لا أنا ولا حكومتي ولا قواتنا المسلحة تتحمل او نعتبره من العدل ان نتحمل المسؤولية لضمان امن قوات الاحتلال الاسرائيلية المتمركزة في الجزء المحتل من الاردن، أي الضفة الغربية والمناطق المحتلة الأخرى، اننا لسنا في موقف ولا يمكن ان نكون في موقف ليستطيع احد في العالم ان يعتبرنا مسؤولين عن امن وسلامة قوات اسرائيل.
ان هذه القوات باقية رغم كل ما يعتبره العالم عادلا، ورغم إشارات اسرائيل الى حادث الباص كنا مهتمين جدا ان نجد عما إذا كان له علاقة بشيء بدءا من الاردن، وقمنا بتقص شامل وكانت النتائج سلبية، فلم يخترق نهر الاردن احد من الجنود ولم يعد احد الى الاردن من الجنوب، وهذه حقيقة للسجل، ولكن تكتل الجيوش بدأ قبل الحادث المذكور، لقد كانت القوات تحتشد في الضفة الغربية، كانت القوات تحتشد عند خط وقف اطلاق النار وفي مناطق اخرى مواجهة لقواتنا، كان التحشد يجري وكل تحرياتنا بينت ان الوضع المذكور ضوء احمر ودلالة بينت لنا اننا سنتوقع حدثا جديدا خاصة بعد الدعاية التي عملتها اسرائيل والتي دلت ان شيئا سيحدث في أي وقت.
معركة الكرامة....
معركة اردنية واوضح جلالته ابعاد العملية العسكرية التي ليست عملية محدودة مطلقا، فأسلوب تنفيذ الهجوم يؤكد ان العملية شاملة لأهداف شبيهة تماما بأهداف معركة حزيران حيث تتشابه الظروف السابقة في كلا العمليتين، ويقول جلالته:
انتم تعرفون بالتفصيل المعركة التي وقعت يوم الخميس..
يدعي الاسرائيليون ان المعركة لم تكن لتستمر طويلا، ولو فرشنا البساط الاحمر لقواتهم ليدخلوا بلادنا وينفذوا ما جاؤوا له ويعودوا سالمين، ان هذا التفكير هو بحد ذاته امر لا يحتمل، فلم اسمع قط عن حوادث من هذا النوع، وعن منطق كهذا المنطق، افترض انهم كانوا يتوقعون منا الترحيب بهم ونتركهم يتجولون في البلاد كما يشاؤون ولينفذوا ما يحلو لهم من العمليات الحربية ويعودوا سالمين.
ان ترحيبا كهذا كان من الممكن ان يجعل العملية محدودة ويجعلها تستغرق وقتا اقصر، وهكذا تبدو عملية منظمة تنظيما رائعا.
ومن ناحية اخرى استعمل الاسرائيليون الجسور للعبور فوقها بآلياتهم الى الضفة الشرقية وهي نفس الجسور التي اقيمت لأغراض انشائية نتيجة لتدخل منظمة الصليب الاحمر الدولي، مع ان نهر الاردن لا يكون عائقا لعبور الدبابات والمصفحات، كان تحرك العدو سريعا جدا باتجاه الشونة حيث تشعبوا الى اليمين والى اليسار باتجاه الكرامة.
ان من السهل ايجاد المبررات، فقد وجدها الاسرائيليون عام 1956 وعام 1967 ووجدوها مرة اخرى الآن.
انني اعتقد ان هذا كان هدفهم ولا يزال للوقت الحاضر، ما لم يسمع العالم لايجاد شيء يحقق آمال العالم بالسلام في هذه المنطقة، ولا يعرقل السلام العالمي بأجمعه في وجه ما حدث وما يمكن ان يحدث مرة اخرى .
إننا مطمئنون ومقتنعون بأننا على ارضنا وأننا على حق، اننا نعلم امكانياتنا ونعرف ما حدث يوم الخميس، ونعلم ان اسرائيل لديها المعدات والموارد، ولكننا ايضا نعلم اننا هنا نعيش وهنا سنموت، واذا قدر لنا ان نموت فإننا سنحاول ان يكون الثمن غاليا لأولئك الذي اقترفوا العدوان تلو العدوان، وكانوا مسؤولين عن الدمار الكبير الذي حل بالشعب العربي وبقضية التمييز بين الحق والباطل في هذا العالم ولكل ما نؤمن به.
ماذا كان يمكن ان يحققوا لو استعملوا القوة ونجحوا؟ ..
لقد كانت اسرائيل تعتقد انها في موقف يسمح لها بالمغامرة من اجل تحقيق اغراضها، فهي تسعى الى تحطيم المقاومة العربية والموقف العربي بأكمله، مهما كان الثمن الذي يمكن ان تدفعه وانني اعتقد انهم يتمنون تحطيمنا هنا في الاردن بشكل خاص.
لقد كانت هذه المنطقة حتى الآن اكثر مناطق اطلاق النار ضراوة، وقد تكبدنا باستمرار نتائج العدوان الاسرائيلي.
انهم يعرفون كذلك أن هنالك اناسا في الضفة الغربية من الاردن ينتظرون بشوق وتصميم رؤية ذلك اليوم الذي يرجع فيه الاردن الى ما كان عليه قبل الخامس من حزيران، فلو تمكنوا من تحقيق نصر عسكري مرة اخرى، فقد يأملون ان يؤثروا على الحالة هناك ويصيبوا قنوطا وهبوطا في معنويات ومقاومة شعبنا بكافة فئاته، فلو احرزوا نجاحا تاما وكانوا قادرين على تحطيم الاردن، لكان لهذا مضاعفات على العالم العربي والاسلامي ولربما لأعوام، انهم سيشعرون بأنهم كانوا شهداء الموقف.
انني اعتقد بأن العملية لم تكن تستهدف الكرامة ولكنهم لو تمكنوا عن طريق عنصر المفاجأة من اختراق خطوط دفاعنا، لكانت الحالة تختلف تماما عما هي عليه الآن، فقط لحسن الحظ فقد كانت عمليتهم فاشلة بكل معنى الكلمة وان جنودنا حاربوا معتمدين على انفسهم تماما وهم يدركون بأن المعركة هي معركتهم وحدهم، وهكذا استطاعوا ان يفوتوا على العدو تحقيق هدفه ولم يكن الهدف هو الحاق الدمار بموقع الكرامة لأن ذلك يمكن ان يحدث عن طريق القصف الجوي او بواسطة المدفعية كما فعل العدو مرارا في الماضي.
لقد جرت اتصالات لوقف اطلاق النار بعد ظهر يوم الخميس وقد قلنا اننا لم نبدأ بإطلاق النار وان الاسرائيليين هم الذين بدأوا بالعدوان فعندما ينسحب الاسرائيليون الى الجانب الآخر من خط وقف اطلاق النار وعندما يوقفون اطلاق النار الذي بدأوه، عندها فقط نكون على استعداد لوقف اطلاق النار، هكذا استمرت المعركة حتى النهاية بالرغم من استمرار بعض المناوشات لفترة قصيرة وعلى نطاق محدود.
هذه هي ارضنا وهنا نبقى احياء مع الكرامة او نموت، لا ادري ما سيحدث في المستقبل ولكن هذا هو الوضع كما نراه الآن.