أخر الأخبار
لن نصمت عن نواياكم السيئة
لن نصمت عن نواياكم السيئة

 بغض النظر عن حجم التقصير أو المؤامرة –ان شئتم- ضد الصحافة، فإن صحفيا واحدا يستطيع فضح نوايا السياسيين المتخبطين الذين يراودون الصحافة وأهلها في أرزاقهم ومستقبلهم المهني، ولدينا اليوم مسرحية كبيرة تستهدف الإساءة للجسم الصحفي، يتصدرها حكوميون عابرون للحكومات وللكراسي، سوف يرحلون جميعا في غضون أشهر، بينما يبقى الصحفي صحفيا حتى يموت، لكنه يموت بطلا شريفا، حين يكون وفيا لمهنته وأخلاقياتها ولا يفرط بها ولا يجنح للتآمر على نفسه رضوخا لإملاءات الحاجة والدريهمات الملوثة، والرضى الرخيص الذي لا يمكن صرفه الا في سوق الولاءات السوداء، التي لا تراعي قيم الصحافة الحرة ولا حتى الكرامة..
  قذف الكرة في مرمى الصحف، باعتبارها مؤسسات فاسدة، وعليها القيام بإعدام نفسها هو الجريمة النكراء التي يقوم بها الضحية ضد ذاته، وحين يتطوع الجميع لتنفيذ حكم الاعدام بالزملاء فهذا الدليل الأوضح على اضمحلال الصحافة والصحفيين، نقول هذا الآن ونذكر بأهمية بل بقداسة العمل الصحفي، الذي يكشف الحقيقة والغموض ويقود الرأي العام ويفشي ثقافة النقد التي تمثل أرقى سلوك وتفكير ديمقراطي نقّاد..
بالطبع لا نتحدث هنا إلا عن الأخلاق والقيم الصحفية العالمية المعروفة، والتي يجب أن يتمتع ويعتز بها الصحفي، خصوصا حين يتسلل سياسيون الى المنابر وصناعة القرار، ويعتبرون الصحف مجرد مختبرات لمراهقاتهم و»مراجلهم»، ويتعهدون بالقضاء على مؤسسات صحفية وطنية عريقة وإعدام مجموعة من الصحفيين بقطع أرزاقهم وقذفهم وعائلاتهم الى المجهول.. يا للبطولة !.
 ما زال القرار وما زالت المبادرة بيد الصحفيين وستبقى، طالما يقوم سياسيون بقيادة المعركة ضد الجسم الصحفي، وإن صمتنا قليلا فإن ذلك صمت مطلوب، لقراءة المشهد والوقوف على طبيعة المناورات والمؤامرات ورؤوسها، ولا يعني هذا بأي حال بأننا سنقتل أنفسنا أو نشارك في قتل زملائنا، فهذه أعمال خسيسة لا تليق لا بأردني ولا بصحفي يتمتع بمقدار من حرية وكرامة وأخلاق..
 أتضامن وأتعاطف مع كل الزملاء المعرضين للقتل المهني والموت بقطع أرزاقهم، وأتعاطف مع رؤساء تحرير تلك الصحف ، فهم في موقف لا يحسدون عليه، وهم كمن يبتلع السكين، لكنهم بلا شك سينتصرون لمهنتهم ولأخلاقهم ولزملائهم وما صمتهم الا حكمة لن يفهمها المعتدون على الجسم الصحفي..
وسوف تنتفض الصحافة في وجه ، الذين اعتبروا قتل الكلمة مجرد بطولة، وقرابين يتقربون بها لأشباح العتمة.
لن نصمت عن نواياكم السيئة، فالصمت عنها سيكون جريمتنا بحق أنفسنا وبحق الصحافة وقبل هذا هو جريمة بحق الوطن الذي نعشقه لأنه «هاشمي» .. وطن القيم والأخلاق المحترمة ووطن القانون «المحترم» والعدالة والأمن، رغم كل الشدائد والنوايا والخفايا والمحن.