أخر الأخبار
خلافاً لثرثرات ذوي النوايا المريضة !
خلافاً لثرثرات ذوي النوايا المريضة !

ليس لسبب واحد وإنما لعشرات الأسباب أبدى الأردن استعداده لتسليح «أهل الأنبار» وهو كان في حقيقة الأمر قد بادر في مرحلة البدايات المبكرة إلى فتح معسكرات لتأهيل أعداد من قوات الأمن ومن الجيش العراقي ليس لأي دوافع خاصة ولا لـ «غرض في نفس يعقوب», كما «يُهْمهِمُ» البعض, وإنما بحكم الأخوة والجوار والروابط القومية وأيضاً بحكم متطلبات الأمن الوطني بين دولتين شقيقتين متداخلتين جغرافياً وعشائرياً وسكانياً . 
   لا تريد بعض الأطراف المتنفذة في العراق, والمقصود تحديداً «الحشد الشيعي», أن يواجه الجيش العراقي, على قلة إمكانياته, تنظيم «داعش» الإرهابي وبخاصة في «الأنبار» وهؤلاء يرفضون أيضاً أي تسليح جديٍّ للعرب السنة إنْ في هذه المحافظة أو في غيرها والقصد هو تعميم ما جرى في تكريت وديالى على المناطق السنية ولذلك فإنهم «أقاموا الدنيا ولم يقعدوها» على المشروع المطروح على «الكونغرس الأميركي» المتعلق بتسليح أهل هذه المناطق ومعهم أكراد كردستان العراقية . 
 عندما يقول الجيش العراقي أنه بتسليحه المحدود, الذي يقل كثيراً عن تسليح «الحشد الشعبي» كماً ونوعاً, غير قادر على إخراج «داعش» من «الأنبار» ومن مناطق العرب السنة التي لا يزال يحتلها وعندما يرفض هذا «الحشد الشعبي» المذهبي التركيبة والإيراني الولاء مشاركة أيٍّ كان له في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي ثم وعندما تكون تجربة تكريت وديالى لا تزال ماثلة للعيان.. إذاً ما العمل سوى أن يبادر الأردن إلى إعلان استعداده لمساندة أشقاء أعزاء تتاخم مناطقهم حدوده وتتداخل معها جغرافياً وسكانياً؟!  
   إن هذا البلد, المملكة الأردنية الهاشمية, صاحب «الرسالة القومية الخالدة» فعلاً وحقاً وحقيقة كان قد ساند العراق عسكرياً في تلك الفترة المبكرة في أربعينات القرن الماضي وكان قد ساند هذا «القطر الشقيق» خلال حرب الثمانية أعوام مع إيران كما كان ساند لبنان وساند سوريا خلال حرب عام 1973  وساند كل دول الخليج العربي بدون استثناء ومراراً وتكراراً.. وكل هذا بلا أيِّ دوافع مصلحية ذاتية وبدون انتظار: «لا حمداً ولا شكوراً» لأنه كان ولا يزال ينطلق من قناعة راسخة بأنه يقوم بمهمة: أخوية قومية . 
   الآن وبمجرد أنْ تم طرح هذه الفكرة بادر الذين اعتادوا الاصطياد في ما يعتبرونه مياهاً عكرة إلى السَّعْي لتسويق تصورات و «سيناريوهات» لا هي صحيحة ولا هي واردة بالنسبة الأردن, صاحب التجارب الغنية, بأي شكل من الأشكال فالحديث عن إلحاق أجزاء من العراق ومن أي بلد عربي آخر حتى بما في ذلك الضفة الغربية بالمملكة الأردنية الهاشمية هو مجرد أوهامٍ مريضة فالعراق بكل ذرة تراب منه هو للشعب العراقي والوحدة العربية الراسخة في ضمائر الأردنيين قيادة وشعباً لها مواصفاتها وظروفها الموضوعية وهي ستكون مكلفة ومصيرها الفشل إذا جاءت إما مرتجلة أو بطريقة اقتناص الفرص واستغلال لحظة ضعفٍ يمر بها الأشقاء ويتعرض لها هذا الشعب العظيم . 
  كل محاولات اقتناص الفرص لاستدراج شعب ودولة شقيقة إلى «وحدة» لا هي ناضجة ولا هي موضوعية قد باءت بالفشل الذريع بل وهي قد انتهت في بعض الأحيان بكوارث عززت الانعزالية وجذَّرت الإقليمية وهذا ينطبق حتى على «الجمهورية العربية المتحدة» وبالطبع على الإتحاد الرباعي بين سوريا ومصر والسودان وليبيا وعلى كل الألاعيب المضحكة التي قام بها معمر القذافي وأيضاً على وحدة جنوب اليمن مع شماله في عام 1990  هذه الوحدة التي يثبت الآن أنها كانت عملية إلحاقية واستغلالاً لأضاع النظام الجنوبي, الذي بعدما أكل رموزه بعضهم بعضاً وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي, لم يجد أمامه أيُّ خيار سوى أن يسلم «دولته» و «شعبه».. ونظامه الماركسي - اللينيني لـ «علي عبد الله صالح» الذي اثبت أنه أكبر «انتهازي» في الكرة الأرضية.. وهكذا وفي النهاية فإنه لا بد من القول: إن تسليح أهل «الأنبار» واجب وطني وقومي وأنه لا صحة إطلاقاً لما «يثرثر» به أصحاب النوايا المريضة .