المؤكد, وبدون أدنى شك, أن كل من استعرض أسماء مؤتمر الرياض اليمني الذي انعقد أمس ودقق في وجوه الذين شاركوا في هذا المؤتمر من زاوية عين غير مصابة بـ «الحَول» لتأكُد, خلافاً لما بادر هرولة إلى إشاعته أتباع نظام بشار الأسد وأتباع حسن نصر الله غير المعلنين, بأن الأحزاب اليمنية الفعلية مشاركة وأن كل الرموز الوطنية متواجدة حتى بما في ذلك قادة حزب المؤتمر الشعبي العام وفي مقدمتهم عبد الكريم الأرياني ووزير الخارجية السابق محمد القربي وبالطبع رئيس الجمهورية عبد ربه هادي منصور الذي لا زال يحتفظ بموقعه القيادي في هذا الحزب.
ثم وبالإضافة إلى حزب المؤتمر الذي لم يتخلف من قادته إلَّا علي عبد الله صالح بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليه وبسبب موقف هو مَنْ اختاره فإن هناك حزب الإصلاح والحزب الناصري والحزب الاشتراكي وعدد آخر من الأحزاب الأخرى التي ربما أنها غير معروفة عربياً إلَّا أنها موجودة ومتواجدة على الساحة اليمنية.
كل قادة اليمن الأساسيين, باستثناء علي عبد الله صالح والحوثي, حضروا هذا المؤتمر وشاركوا فيه ومن بين هؤلاء الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض المتواجد في الرياض منذ أسابيع عدة والذي كان حضوره فاعلاً ولكن من خارج قاعة هذا المؤتمر ومن بين هؤلاء أيضاً أبو بكر العطاس وهذا يعني أنَّ اليمن كانت كلها مشاركة وهذا يعني أنَّ كل من وضع نفسه خارج الدائرة الوطنية وأصَّر على تبعيته لإيران ولحزب حسن نصر الله قد حكم على نفسه بالإعدام السياسي وهنا فإن على من يشك بهذه الحقيقة أن يراجع تاريخ هذا البلد البعيد والقريب ليتأكد أنه بلد يرفض التبعية لأيٍّ كان وأنه البلد العربي الوحيد الذي بقي خارج إطار التبعية العثمانية.
إنه لا يشبه مؤتمر أمس من حيث الأهمية ومن حيث طبيعة الحضور والتمثيل السياسي والاجتماعي إلَّا اجتماع أو مؤتمر الطائف اللبناني في عام 1989 الذي حضره اثنان وستون نائباً من أصل 73 هم عدد أعضاء البرلمان اللبناني في ذلك الحين وحقيقة أنَّ أهمية ذلك المؤتمر الذي مضى عليه نحو ستة وعشرين عاماً هو أنه أنهى حرباً أهلية قذرة أكلت الأخضر واليابس وأنه وضع لبنان على بداية طريق استعادة سيادته الوطنية ووحدة مكوناته السياسية والطائفية.
لقد نصت مقررات ذلك المؤتمر أو الاجتماع على: «حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتعزيز قوى الأمن الداخلي والقوات المسلحة وحل مشكلة المهجرين وتأكيد حق العودة الأهلية إلى الأماكن الأصلية التي هجروا منها» لكن تمَسُّك النظام السوري باستمرار وصايته الأمنية والعسكرية والسياسية على هذا البلد هو ما أخَّر خروج القوات السورية من لبنان حتى عام 2005 وهو ما أبقى على حزب الله دولة داخل الدولة اللبنانية بل فوق الدولة اللبنانية.. حتى الآن.
إنَّ المؤكد أنَّ من عطَّل بعض قرارات الطائف الرئيسية المتعلقة بإلغاء الميليشيات وانسحاب قوات الردع السورية من الأراضي اللبنانية سوف يحاول تعطيل ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الطائف الأخير فإيران ستحاول «تخريب» كل شيء وحزب الله سيبقى يحشر أنفه في اليمن على غرار ما يفعله الآن في سوريا ولذلك فإنه لا يمكن الاطمئنان إلى عودة هذه البلد العربي إلى الاستقرار واستئناف العملية السياسية السلمية إلّا بعد تجريد الحوثيين من أسلحتهم ووضع حدٍّ لتبعيتهم لإيران ولحزب الله وإلَّا بعد عزل علي عبد الله صالح نهائياً وحتى وإن كان هذا بإيجاد ملجأ له في الخارج.. وحتى في إحدى الدول العربية.