تركي عبدالله السديري
قبل أن نصل إلى عنفوان وجود نظام القاعدة وكذا حزب الله، وهو ما سوف أتناوله في لقاء يوم غد، الإثنين، فإننا نجد في الماضي غير البعيد لنقل ما قبل خمسين عاماً أنه كان عالمنا العربي يتقد بمشاعر القومية العربية وطموحات البعث وكنا نتصور أن عالمنا الذي يتجه إلى واقع استقلال سنكون فيه إلى جانب جزالة السيادة البريطانية والفرنسية، وأما الأمريكية فحلم بعيد وكان هذا تخريف أحلام وأكاذيب شعارات.. ليس هذا ما نتوقف عنده ونتأمل لكن استعيد ما كنا ننظر إليه عبر واقع دول في شرق آسيا كانت في منتهى قسوة الفقر، ولم تكن محكومة بسلطة متجهة إلى الأمام بقدر ما كانت تعايش ركود بؤس واعتماداً في المعيشة على مواقع فنون شعبية أكثر مما هي ثقافية أو اقتصادية..
لنخرج تماماً من طبيعة الحاضر العربي الراهن والذي فيه أصبحنا نتساءل عن مصير كثير من المجتمعات العربية التي فقدت الأفق الاجتماعي ومستوى الاقتصاد وجزالة العلاقة الدولية.. لا شيء من ذلك.. أصبحت مشغولة بتوالي الهبوط إلى أسفل..
نخرج من طبيعة الظاهر العربي المعاصر.. المؤلم في حاضره والمتزايد مخاطر في مستقبله القريب، ونعود إلى تلك الدول الآسيوية التي سبقت الإشارة إليها.. كانت في ذلك الماضي هي الأفقر تماماً والأكثر عجزاً في الوصول إلى معطيات أي أحلام.. تايلند.. سنغافورة.. الفلبين.. هونج كونج.. إندونيسيا.. تلك الدول الآسيوية هي الآن الأكثر استقراراً والأكثر ضماناً لجزالة خطط تطورها وأيضاً الأكثر واقعية في مناهج حضورها وما تريده لمستقبلها..
كيف كنا نطل عليهم قبل الخمسين عاماً.. وكيف هو واقع العالم العربي.. باستثناء المجموع الخليجي.. بما هو عليه من انحدارات ونشأة نشاطات فتن ومغريات مطامع، بل والتحريك الأجنبي لبعض صغار القيمة.. والأخطر من كل هذا وجود الولاء تعاوناً بل وإجراماً مع وجود غير عربي في مقدمة طموحات مستقبله ألّا يكون هناك عالم عربي متميز وقادر على حماية ذاته..