ساذج وعبيط من يعتقد لوهلة ان الاردن غير قادرعلى الدفاع عن ارضه ، او انه غير محصن ضد الارهاب والتخريب. فالاردن بنظامه السياسي ، وتكوينه الاجتماعي ، وموقعه الجغرافي ، ودوره الفاعل على الصعيد الاقليمي ، وشبكة علاقاته الدولية ، كل هذه العناصر مجتمعة جعلته قلعة محصنة ، كما حولته الى واحة امن واستقرار وسلام على الصعيدين العربي والاقليمي.
هذه الخصوصية الاردنية يجب ان نتذكرها ونذكرها خلال انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الاوسط وشمال افريقيا ، الذي سينعقد تحت الرعاية الملكية الهاشمية ، ويجب استثمارها جيدا خلال انطلاقة فعاليات المنتدى لتحقيق نهضة اقتصادية اردنية متجددة. من الواجب التركيز على هذه الخصوصية كي لا يوضع الاردن في سلة النار المشتعلة في المنطقة الى جانب الاقطار المنكوبة بالحروب الاهلية الداخلية والتدخلات الخارجية الساعية الى ادامة الصراعات الدامية المحزنة.
والسعي الى جذب الاستثمارات الخارجية التي تبحث عن مواقع آمنة مستقرة ، يقودنا الى التذكير بالتوجهات والتوجيهات الملكية الساعية الى عدم التوقف عن مسيرة الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وتطوير القرارات والتشريعات المتعلقة بجذب وتشجيع الاستثمار لدعم الاقتصاد الاردني ورفع مستوى التنمية ، وتوفير فرص عمل جديدة ، خصوصا في المحافظات ، وتطوير مناهج التعليم وتطوير ثقافة الاستثمار ، وبالتالي مكافحة الفقر والبطالة وتحسين مستوى عيش المواطن بكرامة.
الثابت ، حتى الآن ، وفي المستقبل ، باذن الله ، ان الاردن بحكمة قيادته ،وقدراته السياسية ، واقتداره الامني والعسكري ، وتماسك مجتمعه ، ووحدة شعبه محصن ضد الارهاب والتخريب ، ولكن الحروب الاهلية والاشتباك الدامي من حوله ، لابد لهذه الحالة الا ان تلقى بشيء من ظلالها على ساحتنا الداخلية ، مثل تدفق اللاجئين الهاربين من النار والموت والعذاب اليومي ، اضافة الى التأثير المباشر على الاقتصاد ، وخصوصا في قطاعي الصناعة والزراعة بسبب العقبات التي تواجه حركة تصدير المنتوجات والبضائع ، اضافة الى فقدان اسواق عربية بسبب الحروب العربية المتنقلة.
لذلك نحن بحاجة ماسة الى وقفة شجاعة وحقيقية من اجل دعم انطلاقة اقتصادية متجددة يشارك فيها القطاعين العام والخاص ، لأن الحكومة وحدها لا تستطيع القيام بهذا العبء الكبير ، وليس من المعقول ان تداوم الحكومة على مد يدها الى جيب المواطن في حالات الزنقة ، وما اكثرها.
الحقيقة اننا نستطيع تحقيق الكثير من التقدم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، من خلال جذب الاستثمار ، وهذه فرصة تاريخية الان علينا التقاطها ، وبشراكة بين القطاعين العام والخاص ايضا ، على غرار ما يحدث في الدول المتقدمة ، حيث تساهم العائلات الثرية باثراء واغناء الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية في مجتمعاتها. هناك عائلات تمتلك البنوك والشركات والمستشفيات والنوادي والمصانع المنتجة الكبيرة ، ولكنها تتنازل عن بعض ثروتها وتضعها في خدمة محيطها ،في سبيل المساهمة ، وباعتزاز وبطيب خاطر ، في تحسن وتطوير المجتمع ، دون ان تحمّل الدولة والمجتمع الجميل ، لأنها دفعت ضرائبها. واعتقد ان الاردن يستحق ما هو أكثر.