أخر الأخبار
القدس.. القدس!
القدس.. القدس!

من هتف لـ «يهودية» القدس، ومن شوش على خطيب القدس، الزائر، كلاهما جانبهما الصواب، وإن كانت كل مقارنة عرجاء، كما يقول المثل الألماني، فالفئة الأولى، حركتها غرائز حيوانية، لا تمت لأهل هذا البلد بأي صلة، وإن وجد مثل هؤلاء بين ظهرانينا، فهو وجود لا يتعدى وجود المصرف في البيت، أما الفئة الثانية، فلا نعذرها فيما فعلت، تحت أي ظرف، بغض النظر عمن تسبب بالفوضى غير المألوفة ولا المقبولة في أي مسجد، فما بالك بالمسجد الأقصى؟ مثل الذين يثيرون نعرات منتنة، كمثل من يبول في زمزم نكاية بالطهارة، أو مثل من يتصارعون وهم كلهم في جهنم، فالقدس، مدار المثالين، تغرق في حقد صهيوني منظم، يمضي في تهويدها على نحو متسارع، وهي ليست للفلسطينيين ولا للأردنيين، بل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي من قبل ومن بعد، إرث أنساني، يتعرض للتشويه على يد عصابات الصهاينة، الذين احتفلوا قبل أيام بـ «توحيدها» وما هي كذلك، ولن تكون، ومن العار أن ينشغل أهلها، سواء كانوا هنا أو هناك، بتشويهها وجعلها «مطية» أحقاد عمياء، وذريعة لإخراج نتن مرفوض بكل اللغات واللهجات! ما حدث في كلا الموقعتين، يعيدنا إلى جملة من الحقائق التي لا يريد كثيرون أن يسمعوها، خاصة من متطرفي هؤلاء وأولئك! أول هذه الحقائق، ثبت تاريخيا، وبالوجه القطعي أن قصة «فك الارتباط» لم تستطع أن تفك ارتباط رئتين، تعيشان على قلب واحد، فهذا ملف سياسي بامتياز، وأنتج من السلبيات أكثر مما أنتج من الإيجابيات، ولم يعترف به الجسد الواحد، الذي تجد إحدى قدميه أردنية، والأخرى فلسطينية، أو تجد الأسرة الواحدة، الأب أردني مثلا، وجزء من الأولاد فلسطيني، وجزء أردني، إلى ذلك، وضع قرار فك الارتباط في وجدان بعض من هؤلاء وأولئك، أنه يعني حالة عداء، بدلا من الأخوة التي كانت –وما زالت- تجمع بين أبناء الشعب الواحد، قرار فك الارتباط ربما يكون أسهم في وقف نزيف الهجرة الفلسطينية، ولكنه في المقابل فتح جروحا جديدة نازفة، وربما نحتاج لخطاب إعلامي، وإجرائي جديد، يعيد موضعة قرار «الفك» حيث يجب أن يوضع، بوصفه إجراء سياسيا، لا انتقاميا، أو مصدر فتنة! ثاني هذه الحقائق، خاص بملف الرياضة اللعين، الذي ما فتىء يزود مجتمعنا بروح شيطانية، لا رياضية، تلهب المشاعر الغريزية، وتحول البعض إلى ثيران هائجة، لا تراعي شيئا من قيم هذا المجتمع وأخلاقياته، تتنافس الفرق الرياضية وبعضها يكسب وبالضرورة البعض الآخر يخسر، لكنها لا تحول هذه الخسارة إلى خسارة للوطن والقيم العليا التي قام عليها المجتمع، ويعيش عليها أيضا، ومتى نزعت هذه القيم تحول إلى غابة، يجب أن نبدأ بقرن التربية الرياضية بالتربية الأخلاقية، كي نحد من إنتاج العناصر الهائجة بغرائزها الحيوانية، ونلجم تمدد ظاهرة تحول الملاعب إلى ساحات لإنتاج النتن! القدس إن لم تكن عنصر توحيد، فهي بالتأكيد ستكون فريسة سهلة للعدو، أما الأقصى، فليس من الحكمة أن نطفىء أي قنديل، جيء له ولو بزيت قليل، أو ملتبس