إجابة السؤال أن بشار الأسد هو من يحكم سوريا، وحتى الدول التي لا تعترف بالنظام فإنها تتعامل مع واقع الحال، لكن ماذا يحكم النظام السوري من سوريا!
آخر ما قرأناه جميعا مؤخراً أن عصابة داعش تسيطر على نصف مساحة سوريا بما فيها المناطق المفتوحة التي امتدت إلى تدمر والتي كانت شبه فارغة من جنود النظام لاعتقاده انها من المناطق التي لن يتركها التحالف الدولي وهي تحت مرمى نيرانه لكنه فوجىء انها خالية من الجميع إلا من داعش.
وجبهة النصرة لها مساحات تحت سيطرتها وبخاصة بعدما استفادت من التقارب التركي السعودي في الملف السوري والذي تمت ترجمته الى دعم لجبهة النصرة عسكريا وانعكس هذا على الواقع العسكري الميداني بانتصارات على الأرض، فتركيا والسعودية قررتا عدم انتظار تحرك أميركي وبالتالي تقاربا رغم الخلاف سابقا على ملفات أخرى.
أما إيران التي تخوض معركة كبرى في سوريا فإنها اليوم تحكم في سوريا، ولا نتحدث عن تواجدها العسكري هي وأتباعها بل عن سيطرة مباشرة حتى على مسار الدولة، وهناك مثال تسمعه من بعض القريبين من الداخل السوري بان وكالة إنسانية أوروبية طلبت من الحكومة السورية السماح لها بتقديم حوالي ٢٠٠ الف دولار مساعدة انسانية وحصلت على كل الموافقات لكن نائب وزير الخارجية السوري عاد واتصل مع هذه الوكالة والغى الموافقة لان إيران رفضت ان يتم اي اتفاق الا من خلالها وهذا ما تم، وهذه الحكاية وغيرها مؤشر على النفوذ السياسي وغير السياسي الذي تملكه ايران نتيجة نفوذها العسكري والاقتصادي في سوريا.
وحتى سيطرة النظام على الموارد الاقتصادية لسوريا فانه انعكاس للسيطرة على الجغرافيا السورية، فإذا كانت نصف سوريا بمواردها تحت سيطرة داعش، والنظام يتقاسم السيطرة مع القوى الأخرى على النصف الاخر فان هذا له دلالاته في السيطرة على موارد الدولة الاقتصادية.
الجيش السوري اليوم يخوض القتال في حوالي ٥٨٠ نقطة او جبهة فأي قدرة وأي إمكانات يمكنها خوض هذه المعارك حتى مع وجود الحلفاء من الميليشيات الموالية لإيران.
يخيفنا ان لا نجد بعد حين اجابة لسؤال :- من يحكم سوريا ؟، لان هذا يعني انها دخلت في مرحلة التقسيم العملي بين ايران ومن معها، وداعش والنصرة، فضلا عن عشرات التنظيمات الاخرى، وهناك الميليشيات التي ترتبط اليوم بشكل مباشر مع كيان الاحتلال، وحتى الحدود اليوم فان ما يسيطر عليه النظام هو المنفذ الحدودي مع لبنان وأتحدث عن الحدود الرسمية، اما بقية المنافذ فإنها خارج سيطرة النظام.
ليس سهلا الواقع الذي يعيشه النظام فحتى من يسانده فانه سيطلب ثمنا لهذا واولها ايران التي تريد ان تبقى على نقاط تماس مع إسرائيل ليس لغايات تحرير فلسطين بل لتمتلك اوراقا إضافية في معارك توسيع النفوذ وتقاسمه مع اميركا واسرائيل ذاتها.
سوريا الموحدة المحكومة من دولة مصلحة لكل جيرانها وحتى لكل المنطقة ربما باستثناء اسرائيل وتلك الدول التي لا يعنيها من الازمة السورية إلا إسقاط النظام بغض النظر عن مستقبل سوريا ودماء شعبها.