مسح سريع لاقتصاديات دول المنطقة تعطي إجابة سالبة , إذ لا تزال القضايا الجوهرية وهي ذاتها التي كانت وقودا لاندلاع الثورات تراوح مكانها , فالبطالة تتسع كما الفقر والمديونية كذلك كما أن الحلول الإقتصادية تبدو عاجزة.
بالنسبة للأردن لا يمكن أن يوضع في سلة واحدة مع دول كثيرة في المنطقة بالنظر الى الاصلاحات التي قطعها , لكن بالتأكيد ليس هو جزيرة منعزلة.
شخصيات مهمّة تحدثت عبر منبر المنتدى الاقتصادي العالمي عن المشاكل , لكن الترويج للإستثمار لا يزال يواجه برأسمال « مرتجف «وهو الوصف الذي كان أكثر استخداما في النقاشات الحيوية , لكن لماذا يدفع الأردن ثمن أوضاع سياسية وأمنية عمقت المخاوف ؟.
في شرح الأسباب التي تدعو إلى الإستثمار في الأردن. قدمت أسماء لها تأثير كبير الأردن فرصة استثمارية , لكن الى أي مدى قد تحرز هذه المحاولات نجاحا في تكريس هذه الأهداف والتخفيف من وقع الصورة القاتمة للمستقبل ؟.
المستقبل يقول إن الاقتصاد الأردني سيحتاج لأن ينمو بنسبة 7% لتوفير فرص عمل ل 400 ألف طالب وظيفة خلال 7 سنوات , وفي المستقبل أيضا هناك حاجة لاستثمارات ضخمة في قطاع الطاقة والمياه لتلبية الطلب المتزايد الذي فاق التوقعات والخطط بفضل النمو السكاني المفاجئ وغير المتوازن.
ليس الأردن فحسب بل إن الاقتصادات والتجارة العربية تحت ضغط الحروب والاضطرابات الأمنية والصراعات السياسية، فالعديد من المنافذ التجارية مغلقة أو تعاني صعوبات ، فخسر العراق 23 مليار دولار العام الماضي، و توقفت الصادرات في سورية ، ولحقت المعاناة لبنان لإغلاق منافذه البرية، ولم يستثن التهديد الأردن بفقدان المزيد من الصادرات وطرق التجارة.
هذه أسباب كافية لتراجع جاذبية هذه الدول لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية وحتى الخليجية التي بدأت تتململ., لكن الحقيقة الثابتة هي أنه من دون تعاون إقليمي عربي لن يتمكن الأردن من العيش ولا لبنان كذلك ولا حتى مصر ولا العراق , ومن المحزن جدا أن لا تتوافق الدول الغنية في الخليج العربي مع هذه الرؤية.
للإنصاف , يجب أن ننظر اليوم الى الإصلاحات الإقتصادية التي طبقها الأردن منذ عام 99 بطريقة مختلفة , إذ لا يمكن الإستمرار في تقديم هذه السياسات الإقتصادية باعتبارها خطأ يستحق الإعتذار عنه وباعتبارها جرائم تستحق المحاسبة , ذلك أن نظرة موضوعية كفيلة بأن نرى في الأحكام السلبية كثير من التجني وقليل من الموضوعية.
التهديد لا يمكن أن يأتي فقط من الصراعات السياسية والدموية في الجوار , ولا حتى من عصابات التطرف الديني التي توسع من رقعة سيطرتها على الأراضي في العراق وسورية , بل من فقدان الثقة بالقدرات الذاتية , واستمرار الإبتعاد عن الدائرة الأهم في مواجهة هذا كله وهو تعاون إقتصادي إقليمي عربي حقيقي وفاعل لا يترك لاختلاف الرأي منفذا يعيقها أو يعرقلها.,والبديل هو الاستمرار في لعن الفقر والبطالة والمديونية وضياع الثروات.