لا أفهم كثيرا في عالم «كرة القدم، ولكن من المفارقات المؤلمة أن يكشف العالم عن سوءته بكل تلك الفجاجة، ليس العالم الخارجي فقط بل وحتى عالمنا العربي، فبعد كل عمليات التجميل السياسي والدعاية المزمنة للأنظمة والدول، تختار كثير من الدول التي تتحكم بمندوبيها، أن تقف في صف الفساد المالي العالمي، والفساد العقلي والجسدي أيضا، فأن تمنح كل تلك الدول صوتها لرئيس الإتحاد العالمي لكرة لقدم» «جوزيف بلاتر» رغم الزلزال الذي ضرب الإتحاد بفضائح الفساد والرشوة وغسيل الأموال التي طالت دائرة بلاتر الضيقة وشخصه أيضا، ورغم بلوغه من العمر مرحلة العجز، وللمرة الرابعة، فذلك يعني أن نصف الكرة الأرضية يضربها مرض حب الفساد والنفاق والكذب»والتآمر.
إن خروج الأميرعلي بن الحسين قبل الجولة الثانية وهو المرشح الوحيد أمام عملاق العلاقات المعقدة والغامضة والذي يعتبر الغرفة السوداء في ذلك الإتحاد العملاق، كان أفضل من الفوز مع ذلك الشخص، فعندما نتحدث عن المنافسة، فنحن نتحدث عن الشرف» والمماثلة، فلو نافس الأمير شخصية نزيهة وذات أخلاق عالية«وتاريخ نظيف شريف، دون اتهامات ولا شكوك بالنزاهة، لكان الأمر اختلف تماما، ولكن محاولة الأمير علي القيام»بـ «صناعة التغيير» في هذه المؤسسة العالمية إصطدمت بهذا الجدار الفولاذي من الفساد العابر للقارات .
إن إنسحاب الأمير علي من المنافسة كان أفضل خيار، ليس لأنه لم يحصل على رقم عال أو منافس فحسب، بل حتى لا يقع في مواجهة التفاضلية بينه وبينه شخصية»ثارت الشبهات حولها، ومع هذا فلدينا دليل جديد على تورط العديد من الجهات في التآمر على»فكرة النهوض العربي والإسلامي، وعند ربط الأحداث خلال الأيام القليلة الماضية والساعات الأخيرة وتحليلها سنكتشف كم من البراءة «نحن، ولا أقول السذاجة، حينما لا نرى أو نتعامى عن تصرفات أشخاص مأفونين» يشكلون تأثيرا خبيثا على مجريات الأحداث السياسية، ولنا في ما جرى مؤخرا خير دليل على شكوكنا .
فقبل إسبوعين وعندما زار الوفد الأردني برئاسة سماحة الشيخ أحمد هليّل ووزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية» وأعضاء لجنة فلسطين النيابية، الأراضي الفلسطينية، وتحديدا عند حضورهم صلاة الجمعة في المسجد الأقصى الذي يتولى الأردن إدارته بالكامل ودفع رواتب موظفيه الذين ينوفون على الألف، ويقف بحزم،سياسيا على الأقل، ضد الإجراءات الصهيونية التي تستهدفه، ورغم وقوف جميع أبناء مدينة القدس مع الأردن ونظامه، فإن مجموعة من الغوغاء من غير حزب التحرير» مدفوعون من قبل جبريل الرجوب وبعض أعوانه هناك، افتعلت شجارا وقامت بالتجمع داخل المسجد ورفض قيام الشيخ والوزير بإلقاء درس الجمعة وخطبتها، ولا الصلاة خلفهم، ومنعوا الناس من ذلك، ثم عاد الناس ليصلوا خلف الشيخ ابو سنينة في بدعة جديدة لإقامة صلاة الجمعة مرتين في نفس المكان .
هذا التصرف طبعا يندرج تحت بند رفض الأردن باختصار، ولكن حتى عصر يوم الجمعة فإن اجتماع «الفيفا» كان ينتظر التصويت لتجميد عضوية إسرائيل في الإتحاد بطلب رسمي من فلسطين، ولكن قبيل عملية التصويت لانتخاب الرئيس،قام جبريل الرجوب بصفته الرسمية الرياضية والشخصية الأمنية السياسية بسحب الطلب الفلسطيني، وشكرت إسرائيل الرجوب، وتغير المزاج العام»وبات الرجوب يستطيع إثبات رغبته ووجهة نظره أكثر، تماما كما سحب طلب انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية سابقا .
لن نتكلم عن بقية الدول، فبعضها لها صراعات سياسية واضحة كان ملعبها انتخابات الفيفا كروسيا مثلا التي ترى أنها جبهة أخرى مع الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، واتهمت الولايات المتحدة بأنها تحاول إلغاء منح روسيا استضافة المونديال القادم، وغيرها من الدول التي لا تريد التورط في كشوفات حساب بلاتر التي لو سقط الرجل لفضح كثير من الأسرار .
المهم إنه علينا أن ندرك أنه لا يزال هناك من يستطيب النيل من صلابة هذا البلد، ويحسده على أقل ما يمكن أن يحصل عليه بلد له مكانته على منصات العالم، ولهذا فالخشية أن ننسى ونعود الى سيرتنا الأولى فنرفع البعض لمقامات لا يستحقها وعلى حساب الأردن وإنجازاته، و أن لا نأسى على دول قبّلت رأس الفساد الكروي العالمي.