تركي عبدالله السديري
مع الأسف في العصر الحديث، أنه حينما لا نجد اتجاهات إلى الأمام، لا نجد أيضاً مستويات وعي عامة تقاوم اتجاهات الهبوط..
خدعنا بأشياء كثيرة منذ عشرات السنين عندما كانت الخطب الحماسية تستبد بانطباعات المراهقين ثم تتحول إلى حزن رجولة عندما تنكشف النتائج..
خذ سوريا عندما كانت رمزاً للمطالبة بتلاقي قدرات الوعي الاجتماعي في تلك السنوات الأولى بحثاً عن وحدة عربية، ثم كيف تلتها أساليب دول عربية أخرى، لكن لم تتوفر أي نتائج تأخذ مواطن ذلك العصر إلى الأمام ولو بمسافة متر واحد، بل بالعكس.. حدثت خلافات ومشاكل محلية.. بل تحويل مساحة الدولة الواحدة إلى تعدد مواقع صراعات..
أتت حرب عام ١٩٦٧م وكانت كدرس عملي وبالغ القسوة لتأكيد أن العالم العربي المجاور لفلسطين هو أضعف من يستطيع أن يحررها..
لا أريد أن أكرر توالي ما حدث في العراق من قسوة أحداث بينها وحشية عقوبات السحل.. ثم تدني شمال أفريقيا عما كان عليه من استقرار.. ومحافظة اليمن سابقاً على استمرارية النزاعات المحلية..
أتصور أن الاستغراب ليس وارداً في الأذهان عندما يعايش الناس أخبار ما يسمى بحزب الله الذي بدلاً من أن يتجه إلى إعادة لبنان إلى ما كان عليه سابقاً من تعاون إسلامي ومسيحي في دولة حضارية كانت المقصد السياحي الأول.. يأتي الدخول إلى سوريا لمساندة الطائفية وتحويل سوريا عملياً وواقعياً إلى دولة نوعية إسلامية خاصة مثلما هو حال حزب الله..
انظروا إلى الوضع الفلسطيني القادم.. أين هو من أوضاع ما قبل حرب ١٩٦٧ عندما كانت إسرائيل تتمنى الوصول إلى معاهدات سلام، ثم كيف أصبحت رافضة أي سلام بعد ذلك.. نترك العالم العربي بكامله ونخصص واقع سوريا.. هل يجوز لحزب عربي ثم هو إسلامي أن يفرض وجوده لفرض وجود الطائفية كواقع جديد للعالم العربي بعد أن كان العالم العربي يتقاسم التعاون لكبح امتداد حدود إسرائيل.. كيف أتى حزب الله الذي يشارك عملياً وبجهود دموية لتحويل العالم العربي إلى واقع بشاعة الاقتتال عربياً.. بل والأسوأ.. إسلامياً..