لا نفهم سر ولعنا المحموم بالانقضاض على بعضنا البعض، عند أول محك أو منعطف، بل يهيأ لي أن طلقتنا في بيت النار، تنتظر الضغط على الزناد، لنطلقها ولو على رؤوسنا، أهي الرياضة وبلاويها، أم ضيق العيش الذي يتأزم في صدورنا، فيجعلها حرجة كأننا نصّعّد في السماء، فلا نطيق ولو دعابة من ذبابة لأنفنا؟ أم هي قلوب «مليانة» ولا تحتاج إلى «رمانة» للانفجار؟ ربما كل هذه الأمور، وربما ثمة ما هو أكثر، مما هو مسكوت عنه، ولا يستحسن نبشه، كي لا «تضوع» رائحته النتنة، ولكن وعلى كل الأحوال، نحتاج لمن يعلي صوت العقلاء فينا، ويفسح لحكمائنا أن يقولوا كلمتهم، وسط معمعان التحريض، و»لعق» المبرد المبلل بالدم! كم أكبرت موقف الأمير علي بالأمس، وهو يتحدث بلغة مهذبة، أنيقة، عن نار الفتنة التي أشعلتها انتخابات الفيفا، خاصة وهو المعني الأول، بما قيل عن خذلان عربي له، فقد رد على المنادين بـ «الثأر» من الذات بكلمات لا تليق إلا بأمير، قائلا: «رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم اللواء جبريل الرجوب ساندنا، هكذا قال لنا، نحن أردنيون وهواشم لا نتحدث عن أي شخص بطريقة سيئة، الشعب الفلسطيني شعبنا والشعوب العربية كانت معنا» هذا الموقف النبيل، هو الرد الحاسم على من أشعلوها نارا تستدعي نار داحس والغبراء، في وقت نعيش فيه في أتون خلافات جهنمية، تكاد تقذف بمنطقتنا إلى هاوية، لا قرار لها، وفي وقت نحتاج فيه للعض على الجرح، أكثر من فتح جراح جديدة! أكثر ما استفزني في المشهد الأخير، تلك الأصوات المنكرة، التي كانت تنادي بالنأي عن القدس وأهلها، وفلسطين كلها، بل تجرأ البعض بالقول، على شبكات التواصل الاجتماعي اللعينة، أن مصلحة الأردن مع إسرائيل، وهؤلاء يعلمون في قرارة أنفسهم، أن «اللي ما تتسماش» ليس لها صاحب، إلا مصلحتها، وتجسسها على ولي نعمتها «الولايات المتحدة» ليس ببعيد، وخلافاتها معها تكاد تعصف بذلك الرباط غير المقدس بينهما، رغم أنها تعيش بنَفَس الفيتو الأمريكي، الذي لم يزل سيفا مسلطا على رقاب من يقتربون منها، فكيف تكون مصلحة الأردن مع نوعية رديئة من البشر، عاشوا ولم يزالوا كالضباع على جثث القتلى، وربربوا كيانهم على إزهاق أرواح الأبرياء، عبر سرقة وطن، وتشريد شعب، وتجارة السلاح، وبيع المرتزقة وخبرات القتل، حيث وُجد خلاف..؟ شكرا أيها الأمير النبيل، فقد ضربت مثلا في الرجولة، حتى وأنت تدرك في قرارة نفسك، أن ثمة من خذلك فعلا، لهذا السبب أو ذاك، لأنك تعرف وقد عركتك التجارب، أن المصالح لا الأخلاق، هي ما تحرك مواقف الدول، حتى في انتخابات رياضية، غارقة في ألاعيب السياسة، ولعناتها!