أخر الأخبار
القدس يهودية..لا فلسطينية ولا أردنية!
القدس يهودية..لا فلسطينية ولا أردنية!

أضعنا الوقت، ونحن نتعازم على القدس، ومن سيحكمها في النهاية، أضعنا الوقت ونحن نقول إن القدس عاصمة فلسطين، تارة، والقدس أردنية تارة أخرى، وبينهما ابتلعت اسرائيل المدينة؟!. صديقنا فايز الفايز يكتب مقالا في الرأي بعنوان «القدس أردنية» ويستعرض واقع المدينة، وكيف كانت تحت حكم الأردن، وفشل قيام الدولة الفلسطينية، ولا يمانع ضمنيا من عودة الضفة والقدس إلى حكم الأردن هذه الأيام، بعد الذي رأيناه من خراب؟!. هذا الكلام مهم. غير أن كل من كان يتحدث سابقا عن أن قرار فك الارتباط كان كارثة، حتى لو جاء تحت ضغط الممثل الشرعي والوحيد، كان يتم اتهامه بتبني مخطط التوطين، وتحطيم الشخصية الفلسطينية الوطنية، أو الشخصية الأردنية الوطنية، بل إن حملات تم شنّها سياسيا ضد أي إشارات في هذا الصدد، تحوطا من وجود مخططات لإعادة الضفة والقدس إلى الاردن، ولعل المضحك هنا أن لا أحد يريد أن يعترف أن قصة التوطين جرت وتمت منذ عشرات السنين، وانتهى العالم منها بشكل أو بآخر في أكثر من موقع؟!. لكننا اليوم وبكل صراحة، وأمام أخلاق الكاتب ودوافعه النظيفة، نقول إننا لا نملك اليوم ترف التعازم على المدينة، التي لم تعد أردنية بعد حرب سبعة وستين، ولا صارت عاصمة للدولة الفلسطينية، وكلا الطرفين الأردني والفلسطيني يجدان الوقت للأسف، على أن يتعازما على مدينة ليست بيد أحدهما، كلاهما يجلس إلى ذات المائدة يتعازمان على الفراغ والوهم والخيال. اسرائيل سرقت المدينة وتقوم بتهويدها، وسرقت الأرض، وشردت السكان، وتقوم بإسقاطهم سياسيا وأمنيا، والمخدرات تغزو المدينة، والبطالة في أعلى مستوياتها، والضرائب على المحلات التجارية والبيوت دمرت حياة الناس، فالمدينة مختطفة، وتعيش أسوأ حالاتها، ولولا الله أولا ثم الأردن لشهدنا الأسوأ بخصوص الحرم القدسي والمسجد الأقصى. كم تبقّى أساسا من مساحة القدس العربية، ومن مساحة الضفة الغربية، حتى نعرف المساحات التي قد يأخذها الأردن إذا رضيت إسرائيل أساسا، بإعادة الأردن للضفة أو القدس، وهل يمكن هنا ونحن نتبنى عاطفيا أي وحدة عربية، أن يتم اتهام الأردن الرسمي بأنه يقبل تصفية الدولة الفلسطينية وإدارة السكان وما تبقّى من أراض في الضفة والقدس؟!. لو أجري استفتاء في الضفة والقدس لصوتت الغالبية العظمى بالعودة إلى الأردن، فهذا لا يمسّ الناس، فما زالوا حتى اليوم بجوازات أردنية دائمة أو مؤقتة، وصلاتهم السياسية والاجتماعية بالأردن لم تنقطع، وهي صلات متجددة يوميا، ونرى بأم أعيننا كيف تحمل كل قيادات السلطة الوطنية الفلسطينية جوازات سفر أردنية، وكأنهم موظفون منتدبون من الداخلية الأردنية يديرون شؤون الضفة الغربية، بالوكالة والأصالة ايضا؟!. ثم إن مشروع الدولة الفلسطينية انتهى منذ سنين طويلة، والكل يذكر كلام مروان المعشر وزير البلاط الملكي قبل سنين، حين قال إن حل الدولتين انتهى فعليا، على الأرض، وغير قابل للتطبيق، وهذا رأي كثرة نافذة في العالم تعرف أن قيام دولة فلسطينية أمر مستحيل، وهناك توافق إسرائيلي وعربي ودولي  سري على عدم إقامتها لوجود مصلحة بين جهات عدة على عدم إقامة حاضنة جاذبة للفلسطينيين وسط هذه المنطقة، ولا نقطة ارتكاز تستقطبهم من كل العالم. ما يراد قوله هنا، إن الحل الذي يطرحه الفايز، بشغف وطني، يراه ثوريون عنتريون تصفية للقضية الفلسطينية، وللكيانية الأردنية، وحمل كثيرون اتهامات لا تعد ولا تحصى جراء طرح تم اعتباره سابقاً غير عقلاني أو أنه يلبي رغبات صهيونية، وقد ضاع الوقت وتبدد ونحن نتبادل الاتهامات حول من يملك الضفة والقدس، ضاع الوقت في العنتريات، وصحونا اليوم، فلم نجد الضفة ولا القدس. والسؤال الأهم: هل تقبل إسرائيل أساسا بإعادة الضفة والقدس إلى الأردن؟ واعتقادي أنها لا تقبل، لأنها تريد القدس باعتبارها اورشليم وتريد الضفة باعتبارها يهودا والسامرا، وهكذا يتساوى الموقف اليهودي من الأردنيين والفلسطينيين على حد سواء...إذ لا يراد رؤية أحدهما في الضفة والقدس، وقد يراد فقط إدارة السكان كما يجري حاليا عبر السلطة، أو عبر الأردن لاحقا، وهذا السقف المتاح ربما. ما يقال لزميلنا ولغيره إننا أضعنا الوقت ونحن نتراشق بالاتهامات، ونتعازم على ما هو ليس بين أيدينا، وكأن كل طرف يدعو الطرف الآخر على عشاء ليس بحوزته ولم يتم طهيه، فيتمنع ويرفض، وهذه مفارقة بحق، فالإنسان العربي لا يجيد سوى الانتحار، ويرى في الانتحار بوابة للجنة!!. مما يحزن حقا أن يقال اليوم، إن القدس باتت يهودية، لم تعد فلسطينية ولم تعد أردنية، حتى يشاء الله أمرا كان مفعولا فتعود إلى هذه الإمة محررة من الرجس والاحتلال، كما هو وعد الله القرآني. كنا نقول دوما إن هذه مدينة مقدسة، وعلينا واجب ديني تجاهها، ولا يهم أن يحكمها الفلسطيني أو الأردني أو الكردي أو الشركسي، فكان يقال إن هذا الكلام ساذج أو سطحي أو عاطفي وخلفه خيانات تريد تنفيذ مخططات التوطين ونقل المشكلة الفلسطينية إلى الأردن. حسنا لنجلس الآن. ولنتأمل الخيبة على وجوهنا كلنا، أردنيين وفلسطينيين، عربا ومسلمين، فالقدس باتت يهودية، بعد أن أهلكنا الصراع والجدل، وبهذا التحول المستجد في هويتها، نكون قد قاومنا إسرائيل والتوطين والمؤامرات والخيانات، والحمد لله على ذلك!!. الأردنيون والفلسطينيون أداروا الموقف من القدس على طريقة كل طرف يقول للطرف الآخر...»جاه الله عليكو القدس إلكو..فيرد الطرف الثاني جاه الله عليكو القدس إلكو انتو» واستيقظ الطرفان اليوم فاكتشفا أنهما أضاعا الوقت في «المعازمة» على القدس التي لم تعد موجودة لكليهما!!.