هل تذكرون مزارع شبعا، تلك المزارع التي جعلها حزب الله منذ الانسحاب الاسرائيلي من جنوبي لبنان صيف عام 2000 وحتى اشهر مضت مبررا لاعادة انتاج ذاته كقوة مقاومة لاسرائيل، رغم ان الواقع يحدثنا بحقيقة باتت واضحة ان حزب الله ومنذ اندلاع الثورة في سوريا بات اداة عسكرية ايرانية تنفذ مهمة الدفاع عن نظام بشار الاسد لا اكثر ولا اقل وان المقاومة اياها التي خاض اخر معاركها في تموز 2006 انتهت الى غير رجعة على ما يبدو!
اخر مرة جاء ذكر مزارع شبعا على لسان حسن نصر الله الذي بات يخطب بمعدل مرتين كل اسبوع منذ بدء عاصفة الحزم في السادس والعشرين من مارس الماضي كان في خطابه في الثلاثين من يناير من هذا العام بعد عملية الاغتيال التى قامت بها القوات الاسرائيلية للخلية الامنية التابعة للمخابرات الايرانية ومعها عناصر من حزب الله ومنهم ابن عماد مغنية في القنيطرة، فنصر الله خرج بعد ايام وبعد التهديد والوعيد لاسرائيل وفي خطاب هزيل ليقول ان حزبه نفذ التهديد بقصف مركبتين عسكريتين للجيش الاسرائيلي قتل فيها جنديان اسرائيليان، وغطى كل ذلك في خطابه تحت عنوان «على طريق القدس» والتى لا اعرف اين هي القدس من نصر الله وحزبه ومن ايران غير «فيلق القدس» الذي كان ومازال يُستخدم لكل ما هو بعيدا عن القدس وتحرير فلسطين، « فيلق « ترسيخ الطائفية بالعراق، ودعم بشار الاسد في سوريا والتآمر على الامن القومي العربي في كل الجغرافيا العربية.
خلال خطبه المتواترة التي كان يتعرق حضرت فيها قضيتان فقط السورية واليمنية، وكان نصر الله الذي برر تورطه في الحرب السورية بالدفاع عن مقام «السيدة زينب» في بادئ الامر منتصف عام 2011، اضطر لاحقا الى تبرير الدفاع عن بشار الاسد بكونه «حماية للبنان» من الارهاب «التكفيري».
بمعنى اخر فان نصر الله خجل من القول ان ميليشياته تدخلت في سوريا بقرار من ايران دون الرجوع للدولة اللبنانية ومؤسساتها، وبرر ذلك بانه يريد حماية الدولة اللبنانية من اعداء بشار الاسد، والسؤال ماذا ترتب على ذلك وما هي الحقائق على ارض الواقع وماذا يريد حزب الله في لبنان ومن سوريا؟
للاجابة على تلك الاسئلة ابدأ بالسؤال الاهم.
ما هو مشروع نصر الله في لبنان وسوريا ؟
والجواب: نصر الله وميليشياته يمارسون دورا وظيفيا مرتبطا مباشرة بايران، ودور ايران في سوريا هو فقط حماية ما تبقي من نظام الاسد، وفي لبنان فالمشروع هو «كرسحة» الدولة اللبنانية قدر الامكان وإبقاؤها دولة بلا رئيس، وورقة للمساومة عليها في لحظة سقوط نظام بشار الاسد رسميا، لتصبح المعادلة بيروت مقابل دمشق!
السؤال الثاني: هل من حق من ذهب للحرب ضد «التكفيريين» لحماية «بشار الاسد ونظامه» في سوريا دون ادنى تشاور مع الدولة ومؤسساتها ان يطالبها الان بعد ان تكبد الخسائر الفادحة بل ويأمرها بالتصدي لحرب ليست حربها في جرود عرسال والقلمون السوري ؟
انه منطق يدلل على حجم المأزق العسكري الذي وقع به حزب نصر الله ؟
السؤال الثالث: هل ميليشيا نصر الله في نهاية المطاف لديها ادنى استعداد للالتزام بقرار الدولة اللبنانية على افتراض ان الجيش اللبناني قرر ان ينأى بنفسه عن «تحرير عرسال» التي يحتلها «التكفيريون» الذين جلبهم حزب الله الى لبنان او اعتمد خطة ما للتعامل معها؟
الجواب: سوف يُتهم الجيش وقائده العماد قهوجي الى متساهلين ان لم يصبحوا عملاء مع محور التآمر على نظام بشار الاسد، وبالتالي «انتاج الفتنة الداخلية» بحرب ذات طابع طائفي على غرار «الحشد الشعبي» العراقي بقيادة واشراف الطائفي الاول في العالم العربي نوري المالكي.
.. بكل بساطة استسلم نصر الله الى تبعيته المذلة لايران ولم يعد لديه لا المنطق ولا الحجة لوصف نفسه قائدا للمقاومة، الا اذا كانت صواريخ الزهار الايرانية التي باتت تنطلق من غزة في فضاء فلسطين المحتلة، «تشكل حالة من تلاقي المصالح الايرانية - الاسرائيلية» لانقاذ نتنياهو ونصر الله واعادة الاعتبار للاثنين معا!
وهل هناك غرابة في ذلك ؟
لا اعتقد!