لا شيء تغير ونحن.. نحن ومن يصرَّ على «الصوت الواحد» في الانتخابات التشريعية لا يزال على إصراره ومن يريد ألف صوت للناخب الواحد أو أكثر أو أقل لا يزال على ما هو عليه ولعل ما هو غير مقنع إطلاقاً أنَّ بعض الذين عادوا من «ديار الغربة» يحملون وجهات نظر الدولية التي أصبحوا يعتبرونها قطراً يجب أن يخضع ويخشع له الأردنيون و «على العمية» دأبوا على الاستنجاد بمخرجات «لجنة الحوار الوطني» التي لا هي توافقية «ولا هم يحزنون» على اعتبار أن هذه اللجنة غير منتخبة وأن ما انتهت إليه في هذا المجال تمثيل وجهة نظر الذين تحاوروا والذين تنازلوا بعضهم للبعض الآخر في قاعات مغلقة وليس وجهة نظر غالبية الشعب الأردني ورموزه الاجتماعية الفاعلة .
على أساس يجزم المعادون لـ «الصوت الواحد» أن مكونات الشعب الأردني «كافة» مستاءة من هذا الصوت.. من قال هذا؟ وأيُّ استطلاع لمعرفة وجهة نظر غالبية الأردنيين قد تم.. وحتى وأين؟! ولماذا اختراع ما يسمونه المكون من أهل فلسطين لحشره في هذا الموضوع وما لإخافة أصحاب الرأي.. وهذا مع أننا جميعاً نقف على أرضية ونتفق ونختلف على أساس القناعات السياسية وأيضاً المصالح الشخصية وليس على أساس المنابت والأصول.. ما هو الفرق بين المكون من أصل فلسطيني والمكون من أصل شامي وبين الفلاح الحوراني والكركي والبلقاوي والطفيلي والمعاني والبدوي بالنسبة لقانون الانتخابات المطلوب وحيث يقول كثيرون إن التخلص من تجربة الانتخابات الأخيرة هو الصوت الواحد وليس غيره .
لا يجوز لا تجييش الناس ولا تخوينهم بإلقاء الكلام على عواهنه.. ثم ما هي علاقة قانون الصوت الواحد بـ «الاحتقان السياسي» الذي يبدو أنه مصطلح مأخوذ من ملفات «كارْنفي» التي يغرق جهابذتها بالجمل الإنشائية والكلام المنسق والتي تصرف وصفات لبلدنا ولدول العالم الثالث.. والعاشر من أكثر العواصم العالمية عن هذه المنطقة معتمدة على تقارير لا يعرفون من الأردن إلَّا بعض أحياء عمان الغربية ولا يعرفون من الأردنيين إلَّا الذين «يعوجون» ألسنتهم» بـ «رطفة» أميركية !!
إن بريطانيا العظمى أم الديموقراطية العريقة تأخذ بنظام: «الصوت الواحد والدائرة الواحدة» فهل أن برلمانها الذي هو الأكثر عراقة بين برلمانات العالم حسب رأي الـ «كارنفيين» أقل عدالة وتمثيلاً واعتماداً على العمل الجماعي الحزبي مما يدعو إليه هؤلاء الذين يبدو أنهم يعتقدون أن «كراديس» الأوراق التي جاءوا بها مترجمة من الخارج يجب أن تلزم الأردنيين ويجب أن يلتزموا بها إلى يوم القيامة .
ما هي المشاكل التي يدعي هؤلاء أن قانون الصوت الواحد أوجدها في مجتمعاتنا الأردنية؟.. إن الاعتماد على الكلام الإنشائي لابتزاز أصحاب وجهات النظر الأخرى هو انحراف عن الحقيقة وهو محاولة لخداع الناس وهو غشٌ فكري.. وهنا وكما هو مرفوض أن ينصب «البعض» نفسه حامياً للدولة.. وبطريقة استقلالية فإنه مرفوض أيضاً أن ينصب «البعض» نفسه على أنه «أبو العُريف» وأنه «العالم» الوحيد وأن الآخرين جهله .
إن الحياة كلها عبارة عن تراكم تجارب والمعروف أننا في هذا البلد قد جربنا «الصوت الواحد» والأصوات المتعددة وجربنا القائمة الوطنية أيضاً وأظن وبعيداً عن وجهات النظر , التي جاء بها البعض من أكثر العواصم العالمية بعداً عن بلدنا, أن الصوت الواحد هو المقنع لمكونات الشعب الأردني «كافة» بعدالة التمثيل وهو الذي من خلاله بالإمكان التأسيس للعمل الجماعي المنظم... والسؤال الأخير في هذا المجال هو: أيُّ عدالة يا ترى في أن يكون للناخب خمسة أو ستة أو سبعة أصوات في عمان والزرقاء.. وأن يكون له في مأدبا أو المفرق أو السلط ثلاثة أصوات بينما يكون له في عجلون أو جرش أو إحدى دوائر البادية المغلقة صوتان أو صوت واحد .