لأن الكل يعرف خطورة هذه المرحلة التي تمر على هذه المنطقة ويمر بها الوضع العربي فإن المفترض أن نترفع كلنا عن «أنانياتنا» وأن نؤجل ترف «الدَّلع « السياسي والتوتير والمناكفات وعادة حب الظهور و «خالف تعرف» لأن هناك ما هو أهم مما يعتقد بعضنا أنه مهم ولأنه في مثل هذه الظروف يجب تغليب العام على الخاص ويجب تقديم المصالح العليا لبلدنا على المصالح الشخصية وعلينا جميعاً أن ننظر حولنا لنرى كم أنَّ الأنانيات والمؤامرات قد دمرت دولاً كان الاعتقاد أنها راسخة وثابتة وبنيانها مرصوص .
لا يستطيع كائن من كان أن يدعي عدم وجود نواقص وعدم وجود سلبيات وعدم وجود أخطاء.. إن هذه أمور في غاية الأهمية ويجب ألَّا نسكت عليها ويجب أن نعالجها بالوسائل والأساليب الصحيحة لكن وفي كل الأحوال فإنه يجب أن نأخذ بعين الاعتبار اللحظة التاريخية التي نمر بها وتمر بها منطقتنا وأن ندرك كلنا أنه في كثير من الأحيان قد تؤدي النوايا الحسنة إلى كوارث وطنية وحقيقة.. أن هذا هو ما يجري حولنا ويزنر بلدنا من كل الجوانب .
إنه من غير الممكن وحتى في جمهورية أفلاطون أن يكون هناك مليون رئيس وزراء وأن يكون ألف قائد جيش وألف مدير أمن عام وأن يصبح كل خريج جامعة رئيساً لجامعته وأن لا تكون هناك فوارق بين الناس وأن لا يكون هناك غبن وتمييز فالمساواة مستحيلة وهناك بيت شعْرٍ يقول:
الناس للناس من بدوٍ ومن حضر
بعضٌ لبعضٍ وإنْ لم يشعروا خدمُ
وبالطبع ومرة أخرى فإن هذا لا يعني إنه علينا أن نطأطئ رؤوسنا للأخطاء والتجاوزات والفساد بكل أنواعه لكن علينا ألَّا نُحمِّل الأمور أكثر مما تحمل وألَّا نستسلم لاستبداد السوداوية وأن نبالغ أكثر من اللزوم وأن: «نصنع من الحبة قبة» وأنْ لا نفرق بين الأشياء ونصب جام غضبنا على بعضنا بعضاً وأن لا نتذكر ودائماً وأبداً أن هناك بعض الموتورين الذين باسم «المعارضة» والإصلاح ومواجهة ما يعتبرونه انحرافات لا يتورعون من الإساءة إلى هذا الوطن المزنَّر بالنيران من كل جانب والذي يعتبر صموده في هذه المرحلة التي لا أخطر معجزة من أغرب المعجزات .
إن هناك أخطاء, بالتأكيد, لا يمكن إنكارها والاعتراض هو على أن البعض لا يحاول تصحيح هذه الأخطاء بالطرق والأساليب المجدية الصحيحة بل بال «وتوتات» والتحريض والهدم وبالإغراق بالسلبية وتصوير الأمور وكأن السماء قد اقتربت من أن تنطبق على الأرض.. وكل هذا في حين المفترض أن نضع كلنا نصب عيوننا أننا في سفينة واحدة وإننا إذا تركنا لبعضنا إحداث ثقوب في هذه السفينة فسوف نغرق كلنا لا محالة .
ثم والملاحظ أن هناك «فئة» تصر على النظر إلى كل ما في بلدنا من زوايا عيونٍ مصابة بالحول لا ترى من الألوان إلَّا اللون الأسود وذلك في حين أن هناك من تتحكم بهم نظرية المؤامرة التي تمنعهم من رؤية ولو إنجازاً واحداً من الانجازات الكثيرة العظيمة التي حققها ويحققها بلدنا في مثل هذه الظروف الصعبة حقاً التي يعتبر فيها تحقيق حتى الإنجاز الصغير مسألة قد تكون مستحيلة .