أخر الأخبار
حركة مقاطعة إسرائيل.. إنجازات ملموسة
حركة مقاطعة إسرائيل.. إنجازات ملموسة

باتت إسرائيل تدرك حجم خطر إنجازات «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» (BDS)، الرامية إلى إضعاف مكانة الدولة الصهيونية حول العالم، ونزع شرعيتها في المنظمات الدولية، وممارسة ضغط عليها لإنهاء الاحتلال ومنح الاستقلال للشعب الفلسطيني. ومع تزايد تأثير هذه الحركة، اضطر رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) لرصد 100 مليون شيكل لمواجهة ما أسماه «الحملة العالمية لتشويه سُمعة إسرائيل»، مكررا اسطوانة مشروخة لم يعد أحد يستمع لها كما في السابق وهي «معاداة السامية»، في الوقت الذي أكد فيه وزير الشؤون الاستراتيجية (جلعاد اردان) بأن هذا المبلغ قد يصل الى 300 مليون شيكل، من خلال الحملة التي سيقوم بها بدعم الجاليات اليهودية في العالم.
ووفقا لوسائل الإعلام وتصريحات الحكومة الإسرائيلية، نرى اليوم الهجوم الصهيوني المضاد على نشطاء حملة المقاطعة وقد تحول إلى أولوية إسرائيلية، باعتبار أن «حركة المقاطعة» أصبحت تشكل تهديدا استراتيجيا للمصلحة القومية، خاصة بعد أن تعدت المقاطعة الاقتصادية إلى مجالات أخرى سواء أكاديميا أو سياسيا أو رياضيا. وفي السياق، قالت وزيرة «العدل» الإسرائيلية (ايليت شاكيد) إن «المنظمات التي تسعى لمقاطعة إسرائيل تريد محو دولة إسرائيل عن الخارطة»، فيما طالب رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» (افيغدور ليبرمان) بتغيير الاستراتيجية الإسرائيلية وزيادة ميزانية الإعلام. كما اعتبرها الرئيس الإسرائيلي (روفين ريفلين) «تهديدا استراتيجيا للدولة». أما صحيفة «يديعوت أحرونوت» فقد كتبت: «الحرب ضد حملات المقاطعة ليست حربا سياسية فقط بل هي حرب قومية»، وأطلقت حملة بعنوانين: «إسرائيل أولا، نحارب المقاطعة»، و»تجند في معركة التصدي»، مضيفة إنها ستنشر خلال الأشهر القادمة مقالات ومواضيع خاصة ضد نشطاء المقاطعة.
وبحسب تصريح (عمر البرغوثي) أحد مؤسسي الحركة، فإن ما بات يخيف إسرائيل، كون حركة المقاطعة ترتكز «على القانون الدولي والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان، وترفض رفضا قاطعا كل أشكال العنصرية، بما في ذلك معاداة السامية، وأن واقع ازدياد الدعم اليهودي للحركة في الغرب هو نتيجة الانسجام الأخلاقي للحركة». وأضاف «الحقيقة أن الحركة لا تستهدف اليهود، بل تستهدف فقط نظام الاحتلال الإسرائيلي، والاستيطان الاستعماري والفصل العنصري (الأبارتايد)».
مع اقتراب السنة العاشرة لتأسيس الحركة، لا يمكن للعين أن تخطئ الانجازات التي حقتتها المقاطعة، في وقت يضعف فيه التعاطف مع إسرائيل في أرجاء العالم خاصة في أوروبا وتدريجيا في الولايات المتحدة. ففي بداية العام الجاري، وقّعت حوالي ألف مؤسسة ثقافية في بريطانيا التزامها بدعم مقاطعة إسرائيل ثقافيا، وتبعتها مبادرة شبيهة في مونتريال في كندا وفي ايرلندا وجنوب افريقيا. كما تم منع سفن إسرائيلية تجارية من تفريغ حمولاتها في موانئ كاليفورنيا من قبل الآلاف من مناصري الحقوق الفلسطينية وعشرات عمال الموانئ في منطقة خليج سان فرانسيسكو. كذلك، قرر «الاتحاد الأوروبي» حظر الألبان واللحوم الإسرائيلية المرتبطة بالمستعمرات/ «المستوطنات». وطالبت (310) مؤسسات وأحزاب أوروبية قيادة «الاتحاد» بتجميد اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل. وفي السياق، تبنت جمعيات أكاديمية أمريكية المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل وكذلك فعل (1200) أكاديمي في جامعات إسبانيا. أيضا: مئات علماء الأنثروبولوجيا والتاريخ في الولايات المتحدة وقعوا على بيان يدعو للمقاطعة الأكاديمية الشاملة لإسرائيل، أسوة بمئات الفنانين الايرلنديين. وأخيرا وليس آخرا، انضمام اتحاد الطلاب البريطاني الوطني (7 ملايين عضو) لحركة مقاطعة إسرائيل.
إن من أبرز ما يميز حركة المقاطعة لإسرائيل هو دورها الكبير في مجال الوعي والضمير الإنساني، عبر هجوم ممنهج مشابه لما حصل مع نظام التمييز والفصل العنصري في جنوب إفريقيا. فمن جهتها، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن على «الأمين العام للأمم المتحدة تطبيق معايير ثابتة عند البت في الدول والجماعات المسلحة وتضمين تقريره السنوي الى مجلس الامن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في الصراع»، مطالبة بإدراج اسرائيل على «لائحة العار» التي تتضمن منتهكي حقوق الاطفال خلال النزاعات المسلحة، وذلك اثر الحرب على قطاع غزة العام الماضي. وختمت بالقول: «على كي مون مقاومة الضغوط من إسرائيل والولايات المتحدة لإزالة إسرائيل من مشروع القائمة».
حركة المقاطعة هي أحدث أشكال المقاومة الشعبية والمدنية الفلسطينية ضد نظام الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري (الأبارتايد) وهي الأكثر نجاحا في العقد الأخير على المستوى العالمي. إنها ليست حزبا سياسيا ولا حركة أيديولوجية، بل هي حركة حقوق إنسان عالمية تعتمد على الجهود الطوعية والمبدعة للأفراد والمؤسسات المؤيدة لحقوق الإنسان.