بدأت سفارة الولايات المتحدة الاميركية في عمان، منذ فترة ليست قصيرة، بتوجه جديد، يقوم على اساس زيادة عدد التأشيرات الممنوحة للاردنيين، تذهب اليوم للسفارة وتعود بتأشيرة مدتها خمس سنوات من تصنيفات وفئات مختلفة. سابقا كانت التأشيرة الى الولايات المتحدة، صعبة جداً، خصوصاً، حين كان الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة جيداً ومغرياً، والحصول على تأشيرة آنذاك كان يعادل لدى البعض الحصول على شهادة البكالويوس، جراء الفرحة، بأعتبار ان الذي حازها، سيدخل جنة جديدة، وسوف يحظى بفرصة لتحسين اوضاعه الاقتصادية. الاوضاع في الولايات المتحدة هذه الايام صعبة جداً، ولم تعد التأشيرة مغرية الا لدى اولئك الذي يرغبون بالهروب، او تجريب حظهم، او لديهم دوافع اخرى، مثل زيارة اقارب او السياحة، لكن اغلب الذي يعيشون بالولايات المتحدة هذه الايام، يعرفون ان فرص العمل قليلة، والدخل منخفض، ولايستفيد المهاجر، ماليا، كما كان يستفيد قبل عقود. عدد العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة يصل الى سقف الخمسة عشر مليون شخص وفقا لبعض الاحصائيات، وهناك ملايين المشردين بلا مساكن، وملايين الافراد الذين يشعرون بالجوع، ويعيشون على الاعانات، والمساعدات الدائمة او المتقطعة، وملايين الافراد ممن يعيشون بشكل مخالف للقانون وبلا اقامات. الواضح ان واشنطن خففت من شروطها الصعبة، ومن قيودها، وبدأت تتساهل في اعطاء التأشيرة في سياقات سياسية، لتخفيف ضغط البطالة في الاردن، ولمنح الشباب نافذة للتنفس بعيدا، ولاعتبار ثالث يتعلق بدوافع اميركية بحتة. التنسيق الامني بين عمان وواشنطن، منصة اساسية في تقييم الشخص الذي يراد منحه التأشيرة، قبل بقية الشروط، فواشنطن قد تحتمل فتح الباب لمزيد من العمالة الشرق الاوسطية، فوق مافيها من بطالة، لكنها لن تحتمل منح تأشيرات لاشخاص مرشحين ولو بنسبة قليلة لممارسة العنف او الجنوح اليه. [email protected] السفيرة الاميركية في عمان «اليس جي ويلز» كانت صرحت في شهر آذار ان عدد التأشيرات التي تم منحها لاردنيين خلال فترة قصيرة جدا بلغ 25 الف تأشيرة، كما ان ذات السفارة قالت، ان اغلب طلبات التأشيرات يتم قبولها، ويتم تسهيل سفر الاردنيين للولايات المتحدة، دون تعقيدات. جاذبية التأشيرة الاميركية، بلا شك، تبقى قائمة لكنها انخفضت، لان الكل يعرف من اتصالاته ان الدولارات المتدفقة في حال السفر والعمل، قليلة مقارنة بالنفقات، كما ان الثقافة العامة في الاردن، باتت تعرف بشكل واضح ان مصير من يسافر للعمل سيكون في وظائف بسيطة مثل: محطات الوقود والمطاعم وغير ذلك. لكن تبقى تأشيرة الولايات المتحدة مهمة جدا، لاغلب الشباب، الذين تغيرت مفاهيم السفر والغربة لديهم، وانقلبت من شعار «توفير المال» الى البحث عن مكان هادئ فقط، بأقل ازعاج ممكن، دون طموحات مبالغ فيها، لتبقى الطموحات فقط في اطار العيش ضمن الحد الادنى. مايحدث في الاردن، مثير ويستحق الدراسة حقا، لان اغلب الاردنيين باتوا يهاجرون الى اوروبا والولايات المتحدة والعالم العربي، ودول اخرى عديدة، فيما الاختلال الاقتصادي يكشف عن استبدال في الكفاءات والعمالة في الاردن، فالاردني يهاجر، والعربي والاسيوي يحل مكانه في بلاده، في وظائف مختلفة، وكأننا امام استبدال كامل للجمهور على اساس اقتصادي مجرد. هي ذات الحالة التي تحدث في الولايات المتحدة، التي تستقبل مئات الالاف سنويا من الزائرين الجدد من اردنيين وعرب واجانب، لكنها ولاسباب سياسية واقتصادية بحتة، تمنحهم حق الدخول، وتزيد من الضغط بشكل غير مباشر على مواطنيها ايضا، الذين يعانون اقتصاديا، وهذا يكشف عن سبب عميق جدا، لمنح التأشيرات، يتجلى بمنفعة الاقتصادي الاميركي اولا، قبل الرغبة برؤية سحنة الشرق اوسطيين. اغلب الظن ان زيادة عدد التأشيرات للاردنيين يهدف الى تحريك الاقتصاد الاميركي بحيث يأتي الاردني وينفق بضعة الاف قليلة من الدولارات التي بحوزته، وهو يبحث عن عمل مفيد، فلايجده، ويضطر في النهاية للعودة الى بلاده، تاركا دولاراته في الاقتصاد الاميركي، لعله ينتعش ويصحو من غيبوبته، فتكون التأشيرة هنا، وظيفية، ودورها ينحصر في ضخ المال في عصب اقتصاد الولايات المتحدة. برغم كل هذا ستبقى طوابير الراغبين بتأشيرات الى الولايات المتحدة، طويلة، وكل واحد في الطابور، يظن ان حظه قد يختلف عن غيره، وعليه ان يجرب!.