أخر الأخبار
لماذا ؟
لماذا ؟

والسؤال الوارد: إذ كيف تستطيع مجموعات الحماية الكردية الصغيرة طرد داعش من عين العرب أولاً إلى تل أبيض إلى المنطقة الأقرب من الرقّة.. عاصمة دولة الخلافة في سوريا؟!. ولماذا تتحشد قوى الجيش العراقي والأمن والحشد الشعبي، منذ أكثر من شهر، لاستعادة فلوجة والرمادي دون نتائج تذكر، وقد بشرنا رئيس الوزراء العبادي أن الهجوم سيبدأ بعد أيام؟!.
والجواب على السؤال وارد أيضاً: فقد اثبت مقاتلو الأكراد في العراق كما في سوريا أنهم يدافعون عن شيء عزيز لديهم هو أرضهم، وقراهم، ومدنهم وأحلامهم بوطن، في حين أن الجيش والأمن هما جزء من نظام يؤمن بالطائفة ولا يؤمن بالوطن. يحمل السلاح بأمر «المرجعيات» وليس بأمر الدولة التي تضم في ذراعيها الجميع: جميع الطوائف، والعشائر والمرجعيات.
قرأت كلاماً قبل أيام يدعونا للوقوف والتفكر!! والكلام يقول: إن الوحدة لا تكون في الدين، أما الأرض فتتغير صفتها بتغيّر الشعوب التي تعيش عليها.
وهذا كلام قد يقبله الإسلاميون لتبرير انتمائهم للطائفة أو للمذهب، فتكون إيران بؤرة الولاء، أو تركيا. ويكون الانتماء للولي الفقيه وليس للوطن ورموزه، وللمرشد العام وارتباطاته المذهبية وليس لوطنيته وقوميته.
ولكن الفلسطيني لا يقبل حتى لو صار عدد اليهود خمسة عشر مليوناً في وطنه وعلى أرض. وهذا أساس الوطن: الشعب والأرض. وأساس القومية التي نعرّفها ببساطة: وهي اعتماد الأمة على نفسها، وإيمانها بقيم ومثل تاريخها الطويل.
داعش حالة استدعتها العصبيات المذهبية، والتفريط الوطني.. وبشكل خاص بعد العدوان الأميركي على العراق، وبعد انهيار النظام السوري لمصلحة إيران وأحزابها المذهبية، وحين تقرر الحكومة العراقية أو السورية وقف داعش وضربها، فإن عليها أن تكون دولة العراق لا دولة الشيعة، ودولة السوريين لا دولة الطائفة وانتمائها المزيف للشيعة.
اثبت الأكراد، وهذا لم نكن تبيّناه، انهم حتى في الكيان الكردي أنهم عراقيون أكثر من شيعة النظام أو سُنّة داعش. وانهم سوريون يواجهون النظام الديكتاتوري، مثلما يواجهون داعش لذلك فالأكراد قوة. وقوة وطنية، وقادرة على صيانة الأرض والشعب وحمايته.
مسلّمات كثيرة تتغير الآن، ويجب أن نفهمها.. أسباباً ونتائج. فالقومية والعروبة ليست رومانسية الأوطان المجزأة في سايكس - بيكو. ولا شعر القروي، وأبو ريشة وبدوي الجبل. وإنما هي التمرد على الهياكل الخشبية والانقضاض عليها، وازالة الحدود المصطنعة بالقوة.
ونرصد الغد بعيون ترمّدت بانتظار الفجر!.