عبد العزيز السويد
بهدوء ينبهك مذيع نشرة الأخبار في القناة الفضائية إلى أن الخبر التالي قد يتضمن مشاهد مؤذية لا تتحملها القلوب الضعيفة، في القناة الشقيقة يعرض فيلم أقل ما يقال عنه إنه مؤذٍ. إنها برمجة على القتل وسفك الدماء بأنواع من الأدوات «طب وتخير».
بين الأخبار والترفيه، العنف هو العامل المشترك، والإعلام يعلم ويدرب ويؤسس.
خبر مروع أن يقتل طفل في العاشرة شقيقته لأجل خلاف على قناة تلفزيون، حدث هذا في المدينة المنورة، قالت صحيفة «الحياة» التي نشرت الخبر، إن طفلاً في العاشرة قتل شقيقته (12 عاماً) بطعنها بشوكة طعام إثر خلاف على قناة تلفزيونية. وأكد العقيد فهد الغنام في شرطة المدينة هذا الخبر لـ«الحياة».
هذه الحادثة ليست سوى نموذج والقصص مثلها كثيرة، العنف الشديد لدى الأطفال أصبح ظاهرة، والمغذيات موجودة ومتوافرة بغزارة في الألعاب الإلكترونية والأفلام ونشرات الأخبار، بل يلاحظ أن العنف هو الفعل السائد الآن في العالم العربي، إذ لا أخبار سوى عن العنف بدرجات، وأغلب الترفيه خصوصاً للأطفال يمر من بوابة العنف، يحمل رابطاً بينه وبين الإثارة والمغامرة!
وقبل أعوام طوال تصاعدت النداءات لعمل ميثاق شرف إعلامي عربي يضبط في ما يضبط هذه القضية المؤرقة، لكن ثبت أيضاً أن لا قيمة لمواثيق أمام البحث عن الأرباح والجذب بأي وسيلة أو أداة.
والأمر بحاجة إلى تدخل قوي من الحكومات وإلا فإن الأجيال المقبلة ستزداد عنفاً، أعلم أن البعض سيقول: «الحكومات هي نفسها تمارس العنف»، لكن النتيجة أن الحكومات والدول ستشارك في دفع الثمن أيضاً. التوعية وحدها لن تكون كافية للحد من مغذيات العنف، لا بد من الضبط والأخير بيد الأجهزة الرسمية، وحين تستطيع الدول والأنظمة الضغط على شركات عالمية في ما يطلق عليه شبكات التواصل الاجتماعي أو الاتصالي، فهو دليل على قدرتها على تتبع وسائل أخرى في قضية الترويج للعنف، وكما نقول «لا للمخدرات» يجب أن نقول «لا للعنف في ما تبثه»، و«لا» أخرى أيضاً لترويجه خصوصاً للأطفال، حتى لو تجمل بعمل فني أو ترفيهي قاني اللون.