عندما يصل التمادي إلى حدِّ استهداف دولة كالكويت ودولة كتونس فإن هذا من المفترض أن يدفع إلى الاستعجال في أن تكون هناك غرفة عمليات موحدة, عسكرية وأمنية, ضد هذا البلاء الأسود الذي اسمه «داعش» إن ليس على مستوى العالم كله فعلى المستوى العربي على الأقل وبخاصة وقد أصبح واضحاً ومؤكداً أن معظم الدول العربية إن ليس كلها مستهدفة وأنه ليس بإمكان أي دولة أن تظن أنها في مأمن وإنها على شاطئ الأمان !!
إن الهدف, هدف القتلة والمجرمين, من العملية الإرهابية التي هزَّت الكويت وأدمت قلبه يوم الجمعة الماضي وهزتنا وأدمت قلوبنا كلنا كعرب وكمسلمين هو ضرب التعايش بين مكونات هذا البلد الذي يحق لأهله أن يتغنوا باستقرار بلدهم وأن يفتخروا ويفاخروا بأنهم قد يختلفون ويتناكفون ويتشاجرون سياسياً لكنهم يبقوا يتمسكون بتلك المقولة الخالدة: «الدين لله والوطن للجميع» وإنه لا فضل لكويتي على آخر إلَّا بحب الكويت والحرص على وحدته وتماسك شعبه.
إنها ضربة موجهة للكويتيين ولنا جميعاً, عرباً ومسلمين, لكن ما يخفف عليهم وعلينا هو أنَّ المتآمرين الذين أرسلوا المتفجرات الإرهابية إلى مسجد «الصادق», الذي هو بيت من بيوت الله ومكان عبادة وتعبدٍ لكل المسلمين, قد فشلوا فشلاً ذريعاً وأن كيدهم قد ارتد إلى نحورهم إذْ أن الدماء الزكية التي سالت قد عززت تماسك أبناء هذا الشعب الخيرِّ والشاهد هو ما رآه العالم كله ردّاً على جريمة من المفترض ألَّا يفلت مدبروها من العقاب.
لقد صمدت الكويت وصمد شعبها والمطلوب حتى لا تتكرر هذه الجريمة التي استهدفت أناساً أبرياء في أحد بيوت الله, التي هي بيوت للمسلمين كلهم, أنْ تتوحد قوى الخير العربية كلها وأن تكون هناك غرفة عمليات مشتركة فهذا الخصم الذي هو تنظيم «داعش» لن يوفر أي بلد عربي وهو إذا استطاع لن يوفر حتى المسجد الحرام في مكة المكرمة وحتى المسجد النبوي في المدينة المنورة.. إنه لن يوفر أحداً والدليل أنه كما ضرب في هذا البلد العربي الوادع ضرب أيضاً سياحاً أبرياء على شواطئ تونس وبالطبع فإن الهدف هنا هو تدمير اقتصاد هذه الدولة العربية الذي يعتمد على السياحة بالدرجة الأولى وأولاً وقبل كل شيء.
والآن, وبينما يرتكب «داعش» أو ترتكب في كل يوم جريمة جديدة باسم «داعش», فإن السؤال الذي أصبح متداولاً في الوطن العربي وعلى مدى العالم كله هو: هل أن هذا التنظيم فعلاً بكل هذه القوة وبكل هذا الانتشار الكوني.. هل أن «داعش» هو «داعش» واحد.. أم أن هناك «دواعش» كثيرة وأنه لم يعد «ماركة» مسجلة بل بندقية للإيجار ومجرد اسم يستخدمه كل من أراد أن يرتكب جريمة بحجم جريمتي يوم الجمعة الماضي وأكبر.. ؟!
لقد أفشل الكويتيون المؤامرة التي أرادها الذين أرسلوا متفجراتهم إلى مسجد «الصادق» يوم الجمعة الماضي لكن ما يجب أن يكون معلوماً ومعروفاً هو أن «داعش» ستكرر جريمتها إن في الكويت وإن في أي بلد عربي آخر وهو أن الذين ينفذون جرائم باسم هذا التنظيم الإرهابي سيحاولون مجدداً ليس مرة واحدة وإنما مرات عدة ولذلك فإنه لا بد من أن تكون المواجهة واحدة وموحدة وأن تكون هناك غرفة عمليات عربية مشتركة وذلك لأنه كما أن أخطر الإرهاب هو ما يقوم به «الذئب المنفرد» فإن المعروف إن الذئاب في العادة تستهدف الشاة «المُطرْفة» !!