أخر الأخبار
الأيام الأخيرة قبل سقوط مرسي
الأيام الأخيرة قبل سقوط مرسي

القاهرة-الكاشف نيوز

كانت اللحظة الفارقة بالنسبة لقادة الجيش في مصر يوم 26 يونيو حزيران.

في ذلك اليوم التقى كبار القادة بالرئيس محمد مرسي أول رئيس يصعد لقمة السلطة في انتخابات ديمقراطية في البلاد وتحدثوا معه بصراحة مؤلمة وأبلغوه بما ينبغي له قوله في الكلمة التي كان من المقرر أن يوجهها للشعب مع تصاعد الاحتجاجات في أنحاء البلاد.

وقال ضابط كان حاضرا في الغرفة التي عقد فيها الاجتماع: "طلبنا منه أن يكون الخطاب قصيرا وأن يستجيب لمطالب المعارضة بتشكيل حكومة ائتلافية ويعدل الدستور وأن يحدد إطارا زمنيا لهذين الأمرين.

"لكنه خرج بخطاب طويل جدا لم يقل فيه شيئا. وعندها عرفنا أنه لا ينوي إصلاح الوضع وأن علينا الاستعداد للخطة الاحتياطية."

وأضاف الضابط: "كنا مستعدين لكل الاحتمالات من العنف في الشوارع إلى اشتباكات واسعة النطاق وجهزنا القوات لهذين الاحتمالين."

وطلب الضابط عدم نشر اسمه مثل الضباط العاملين الآخرين الذين بسبب حساسية الوضع.

ومع ازدياد التوتر في الأيام التالية ظل مرسي على موقف التحدي. وقال مصدر عسكري إنه في مكالمة أخيرة مع القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، يوم الأربعاء، ضحك الرئيس استخفافا بالمظاهرات الحاشدة التي نظمها المعارضون له.

وقال المصدر المطلع على اتصالات السيسي: "لم يكن يصدق ما يحدث."

وتبخرت أي آمال متبقية في أن يدعو الرئيس الملتحي إلى استفتاء على مستقبله أو يتنحى في هدوء.

وعقب ذلك، ومع خروج الملايين إلى الشوارع، نفذ الجيش خطته فاحتجز مرسي في مجمع الحرس الجمهوري وألقى القبض على قيادات رئيسية في جماعة الإخوان المسلمين وتولى السيطرة على عدد من الأجهزة الإعلامية.

وهكذا انتهت أول محاولة للتوفيق بين الإسلام السياسي والديمقراطية في مصر بعد عامين ونصف العام من إطاحة حسني مبارك في انتفاضة شعبية.

وتبين السهولة والسرعة التي سقط بها مرسي هشاشة الربيع العربي الذي أطاح بعدد من الحكام العرب.

فحتى الآن لم تتحقق بالكامل الآمال في أن تؤدي الانتفاضات الشعبية إلى ترسيخ الديمقراطية رغم أن التجربة مازالت تحرز تقدما في تونس.

ويوضح سقوط مرسي في مصر الطابع الهش للمنطقة وغياب العمق المؤسسي اللازم للحفاظ على الديمقراطية عندما تتغير اتجاهات الرأي العام. والنتيجة في مصر وغيرها انقسامات عميقة وعدم استقرار.

كما أن سقوط مرسي جدد النقاش في ما إذا كان من الممكن أن يتعايش الإسلام السياسي مع الديمقراطية. فلم تستمر تجربة الإخوان المسلمين في السلطة سوى أكثر قليلا من عام واحد.

ويشير أعضاء بجماعة الإخوان إلى مفارقة تشجيع الغرب للديمقراطية وفي الوقت نفسه منح التأييد في هدوء لانقلاب عسكري.

كذلك كشفت خطوة الجيش الكثير من الصعوبات التي واجهها الإخوان في الحكم، إذ يشكو المصريون والمستثمرون على السواء من الفوضي التي سادت بعض الوزارات ودفع الإخوان برجالهم من ذوي الخبرات المحدودة لشغل مواقع قيادية. وقد سجلت البورصة المصرية ارتفاعا كبيرا عقب إطاحة مرسي.

وكانت أخطاء مرسي نفسه جسيمة على النقيض من الطريقة التي صعد بها نلسون مانديلا إلى قمة هرم السلطة في جنوب أفريقيا حاملا رسالة الوحدة والتسامح.

خطر أمني

لم يكن مرسي، أستاذ الهندسة في إحدى الجامعات الإقليمية، زعيما سياسيا بطبعه، إذ لم يصبح مرشح الإخوان في الانتخابات إلا بعد عدم تأهل المرشح المفضل عند الجماعة. ومع ذلك فقد أبدى الرئيس الجديد بعض الحسم عندما تولى منصبه وجمع في يده سلطات كثيرة، الأمر الذي أدى إلى استعداء قطاع عريض من خصومه الليبراليين والإسلاميين.

وعقب انتخاب مرسي، في يونيو حزيران، 2012، بأغلبية 51.7 في المئة من أصوات من شاركوا في الانتخابات، أحال اثنين من كبار قادة الجيش للتقاعد أحدهما هو المشير حسين طنطاوي الذي ظل 20 عاما وزيرا للدفاع في عهد مبارك في خطوة بدا أنها تمثل فكاكا من أسر الماضي.

وعين مرسي السيسي (58 عاما) قائدا جديدا للجيش.

والسيسي من ضباط سلاح المشاة قضى فترات قائدا ميدانيا ودرس في إحدى الكليات العسكرية بالولايات المتحدة، كما تولى منصب الملحق العسكري في السعودية. وبدا أنه اختيار جيد للعمل مع مرسي وجماعة الإخوان التي تريد إبعاد الجيش عن الساحة السياسية بعد أن تصدر المشهد عشرات السنين.

لكن العلاقات بين مرسي وقادة الجيش الجدد تدهورت خلال شهور من تنصيبه. بل إن نجاح مرسي في التفاوض على وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس الإسلامية التي تدير قطاع غزة أثار استياء العسكريين.

وقال المصدر الأمني: "تدخل مرسي في حرب غزة جعل مصر ضامنا لعدم قيام حماس بأي هجمات على إسرائيل، وهذا يمثل تهديدا للأمن القومي المصري لأنه إذا شنت حماس هجوما فقد يدفع ذلك إسرائيل لرد انتقامي منا."

كما تحدث مرسي بلا مواربة عن احتمال مشاركة مصر في "الجهاد" لإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وأثار احتمال القيام بعمل عسكري بسبب سد تبنيه إثيوبيا على نهر النيل.

ونتيجة لذلك زاد ارتياب قيادة الجيش فيه، إذ رأت أنه يخاطر بإشراكها في صراعات دون التشاور الواجب مع كبار القادة.

وشعر القادة العسكريون بقلق لا يقل شدة إزاء الاستقطاب السياسي والطائفي في مصر في ظل التدهور الاقتصادي الحاد. وكانوا قد أمنوا وضعهم في الدستور الجديد الذي وضعه حلفاء مرسي وتم استفتاء الشعب عليه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فضمنوا بذلك أن تظل مراجعة البرلمان لموازنة القوات المسلحة وعقود التسلح والسيطرة على قناة السويس محدودة.

لكن قلقهم تزايد لما رأوه من خطر وصول الأمر إلى حد الحرب الأهلية.

وعندما تولى مرسي منصبه كان الاقتصاد المصري الذي زاد الأثرياء ثراء والفقرا فقرا في سنوات مبارك الأخيرة في أزمة بالفعل.

لم يكن المجلس العسكري، الذي حكم مصر في فترة انتقالية استمرت 16 شهرا عقب سقوط مبارك، قد أجرى أي إصلاحات لنظام دعم السلع الغذائية والوقود أو التفاوض على اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي خشية اندلاع احتجاجات جديدة. وجفت موارد السياحة والاستثمار أو كادت بسبب الاضطراب السياسي.

وزادت حكومة مرسي المرتبكة الطين بلة. وبينما ظلت جماعة الإخوان المسلمين أكثر القوى السياسية تنظيما ونفوذا من خلال إدارة شبكة للدعم الاجتماعي وتقديم خدمات للفقراء والمحتاجين شعر ملايين المصريين أنه لا يوجد من يمثل مصالحهم.

رفض الاستفتاء

وأطلقت مجموعة من النشطاء حركة تمرد في أول مايو/ أيار لجمع التوقيعات للمطالبة برحيل مرسي. واكتسبت هذه الحركة زخما حتى أعلنت أنها جمعت أكثر من 22 مليون توقيع ودعت إلى تنظيم مظاهرات ضخمة في مختلف أنحاء البلاد يوم 30 يونيو/ حزيران بمناسبة مرور عام على تنصيب مرسي.

وانطلاقا من الغضب الذي شعر به المصريون إزاء مساعي الإخوان للاستحواذ على السلطة وسوء أدائهم في إدارة الاقتصاد خرج الملايين مرددين هتاف "ارحل". واجتذبت المظاهرات المضادة التي نظمها مؤيدو مرسي بضعة مئات آلالاف فقط.

وفي اليوم التالي لمظاهرات 30 يونيو/ حزيران، حدد السيسي مهلة مدتها 48 ساعة لمرسي: فإما الاستجابة لمطالب المتظاهرين باقتسام السلطة مع المعارضة وإما إفساح المجال أمام الجيش لطرح خريطة طريق أخرى.

وقال مصدر عسكري اطلع على التفاصيل إنه، في لقاءين آخرين مع الرئيس (في الأول والثاني من يوليو/ تموز الجاري)، كان القائد العام أكثر صراحة لكن مسعاه قوبل بالرفض.

وقال المصدر: "توجه الفريق أول السيسي إليه وقال لنا عندما عاد إنه لا يصدق ما يحدث وقال إن المحتجين بين 130 و160 ألفا فقط. قلت له: لا سيادتك إنهم أكثر بكثير من ذلك وعليك أن تستمع لمطالبهم."

وأضاف المصدر: "في الاجتماع الثاني ذهب السيسي ومعه تسجيل فيديو للاحتجاجات أعده الجيش وقال له: "سيادتك الوضع خرج عن السيطرة واقتراحاتك لتغيير الحكومة وتعديل الدستور الآن فات أوانها ولن ترضي الشارع. أقترح أن تدعو لاستفتاء على استمرارك في الحكم. لكنه رفض وقال إن ذلك غير دستوري ومخالف للشرعية."

وأمام رفض الرئيس، كثف السيسي اتصالاته بمحمد البرادعي الذي اختارته جبهة الانقاذ الوطني المعارضة للتفاوض مع الجيش وبالقيادات الدينية للمسلمين والمسيحيين متمثلة في الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا تواضروس رأس الكنيسة القبطية. وكان الاثنان قد أيدا حركة الاحتجاج علانية.

كما أشرك قائد الجيش مؤسسي حركة تمرد وزعيم ثاني أكبر الأحزاب الإسلامية هو حزب النور السلفي الذي ينافس الإخوان على أصوات المسلمين.

والتقى الجميع بمقر المخابرات العسكرية في شارع الثورة يوم الأربعاء الثالث من يوليو/ تموز الذي انتهى فيه إنذار الجيش لمرسي لرسم خارطة طريق لمرحلة انتقالية ثانية.

استمر الاجتماع نحو ست ساعات وتبنى الجيش الخطة التي اقترحتها حركة تمرد ووافقت عليها جبهة الإنقاذ.

وقال المصدر العسكري: "حاول الفريق أول السيسي الاتصال بزعيم الإخوان المسلمين لاقتراح خيار الاستفتاء لكنه رفض الحضور هو وآخرون. كما عرضها على الساسة وغيرهم لكن أعضاء تمرد رفضوها واتفق الآخرون تقريبا على كل شيء اقترحته تمرد."

كان النشطاء الذين يحركون الشارع، وعددهم يزيد قليلا على العشرين، هم من أخذوا بزمام الأمور.

نصيحة من الخارج

كانت أطراف خارجية تشعر أيضا بالقلق لأسباب ليس أقلها أن مصر تحصل على قدر كبير من المعونة الأميركية، وأن مرسي كان يمثل فرصة للديمقراطية في المنطقة. فقال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصل خلال زيارته لتنزانيا بمرسي، يوم الإثنين الأول من يوليو/ تموز، وحثه على الاستجابة لمطالب المحتجين.

وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري للصحفيين خلال جولة في الشرق الأوسط، الأسبوع الماضي: "قدمنا توصيات كثيرة لأصدقائنا في مصر. نحن نحاول المساعدة مثلما تحاول دول أخرى لإيجاد مكان للمعارضة في العملية السياسية لتنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية التي تسهم في جذب الأعمال ورأس المال وبدء تحريك الاقتصاد."

لكن مسؤولين أميركيين آخرين أبدوا تشككا في قدرة مرسي على توحيد البلاد والخروج من الأزمة. وخلف الكواليس اتصل وزير الدفاع الأميركي تشاك هاجل اتصالات بالسيسي، حسبما أعلن البنتاجون (وزارة الدفاع).

وامتنعت الوزارة عن الإفصاح عما دار بين الرجلين، لكن المصالح المشتركة بينهما كثيرة. فمصر تتحكم في قناة السويس التي تمر عبرها نسبة كبيرة من شحنات النفط المتجه للغرب كما أن واشنطن تقدم للقوات المسلحة المصرية مساعدات قيمتها 1.3 مليار دولار سنويا.

ويكتنف الغموض القدر الذي كانت تعلمه الولايات المتحدة مسبقا عن نوايا الجيش المصري.

وفي الشهور الأخيرة، حثت السفيرة الأأميركية آن باترسون الرئيس مرسي في السر والعلن على إتاحة مساحة أكبر للمعارضة في إدارة شؤون البلاد لكنها ظلت تشدد على أنه الرئيس الشرعي، ما أثار اعتقادا شائعا في مصر أن الولايات المتحدة تدعم الإخوان وكذلك قطر التي دعمت مصر في ظل حكم مرسي بنحو سبعة مليارات دولار.

الواضح أنه رغم تصريحات السفيرة العلنية تأكيدا لشرعية مرسي وهي التصريحات التي أدت إلى انتقادات حادة لها في وسائل الإعلام المصرية فلم يكن هناك أي ضوء أحمر من واشنطن تحذيرا من استيلاء الجيش على السلطة.

الإنذار

ويوم الأحد الماضي، احتشد ما لا يقل عن نصف مليون متظاهر في ميدان التحرير وحوله وخرج ملايين آخرون في مختلف أنحاء البلاد فيما أظهر تحولا كبيرا في الاتجاهات.

في عام 2011، عندما طالب المحتجون بسقوط مبارك قائد القوات الجوية السابق، كانت الجماهير تخشى أن تتعرض لهجوم من الجيش. إلا أن الجيش انحاز أنذاك للشعب وأرغم الرئيس على التنحي.

أما الآن، فعندما حلقت طائرة هليكوبتر فوق حشود المتظاهرين في ميدان التحرير وألقت أعلام مصر هلل المحتجون لها. وقال الجيش إن هذه الخطوة استهدفت تشجيع المشاعر الوطنية لا إظهار التأييد السياسي. لكن المغزى كان واضحا إذ لم يكن بالمحتجين على حكم مرسي حاجة للخوف من الجيش.

وقدم الجيش لقطات مصورة من الجو للحشود الضخمة المعترضة على مرسي لمحطات التلفزيون لإبراز حجم الدعم الشعبي لعزله. وقال المصدر العسكري: "أصبح لدينا الآن حرب إعلامية مع الإخوان المسلمين."

وفي تلك الليلة استهدف محتجون المقر الرئيسي لجماعة الإخوان بضاحية المقطم في القاهرة. ولم يظهر أثر للشرطة أو رجال الإطفاء. وحطم المحتجون نوافذ المبنى المكون من أربعة أدوار ونهبوا الأثاث وأشعلوا النار في المبنى، فيما أعاد للأذهان الهجوم على مقر مباحث أمن الدولة عقب سقوط مبارك.

وتحرك السيسي بعد شهور من السعي دون جدوى لحمل الرئيس على التوصل لتفاهم لاقتسام السلطة مع خصومه الليبراليين والوطنيين واليساريين.

وأمهلت القوات المسلحة مرسي 48 ساعة لإبرام اتفاق مع المعارضة.

وأعلن السيسي على التلفزيون المصري أنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسيتعين على القوات المسلحة أن تعلن خريطة طريق للمستقبل.

وقال الجيش إنه سيشرف على تنفيذ خريطة المستقبل بمشاركة كل طوائف الشعب والأحزاب السياسية لكنه لن يعمل بالسياسة أو يتولى الحكم.

ولم يرد مرسي فورا على المهلة. لكن المفارقة المريرة كانت جلية؛ فالجيش الذي كان الثوار يأملون في 2011 أن يظل بعيدا عن السياسة كان يوجه إنذارا للرئيس المنتخب.

وسارع أنصار مرسي إلى إبراز هذه النقطة.

فقال حسن الشربيني، أحد المتظاهرين قرب مسجد بالقاهرة: "اعتقد العالم دائما أننا ـ نحن الإسلاميين ـ لا نؤمن بالديمقراطية. الآن الإسلاميون يعلمون المصريين الديمقراطية بينما يتخلى الليبراليون عن الديمقراطية. وأين رد فعل العالم لذلك؟"

وكان رد الفعل العالمي العلني خافتا. وقال البنتاجون إن وزير الدفاع هاجل تحدث ثانية مع السيسي. كما جرى اتصال بين ضابط كبير بالقوات المسلحة المصرية والجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية.

وقال مصدر في الجيش المصري اطلع على تفاصيل هذه المحادثة: "فهمنا من بعض الاتصالات المتبادلة بين كبار المسؤولين من جانبنا والأميركيين والسعوديين ومن تقارير المخابرات أن الأميركيين ليسوا سعداء بتدخلنا لكننا لم نأبه لذلك."

وأضاف: "كنا ندرك أن التأييد الشعبي معنا."

واتضحت رغبة واشنطن في عدم إدانة خطوة الجيش المصري فيما بذلته من جهد لاختيار ألفاظ تصف بها ما حدث دون أن تستخدم عبارة انقلاب عسكري، إذ أشار أوباما إلى "القرار المصري بعزل الرئيس مرسي وتعطيل العمل بالدستور".

وكانت مواقف الحلفاء الإقليميين أكثر حماسة لخطوة الجيش سواء في السر والعلن.

وقال مصدر أمني آخر: "الدول الأكثر تأييدا هي السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة؛ لأنها تتفهم أهمية مصر الاستراتيجية للعالمين: العربي والإسلامي، وتخشى من توسع الإخوان."

واضاف: "كما أنهم يدركون أن نهاية الإخوان في مصر هي نهاية الإخوان في العالم العربي."

التعليق الأخير

وعندما رد مرسي، في نهاية المطاف، على انذار السيسي رفض مطلب الجيش، وقال إنه سيواصل السير في خططه الخاصة بالمصالحة الوطنية.

وقالت رئاسة الجمهورية إن الرئيس لم يستشر في البيان الذي أصدرته القوات المسلحة، وإن الرئاسة تؤكد أنها ماضية في المسار الذي خططته مسبقا لدعم المصالحة الوطنية الشاملة.

وكان مرسي قد نقل إلى قصر القبة الجمهوري حفاظا على سلامته بعد أن حاصر المحتجون مقر الرئاسة في قصر الاتحادية. ويوم الأربعاء نقل مرسي إلى مكتبه الاحتياطي في مجمع الحرس الجمهوري بالقاهرة.

وفي آخر أيامه في منصبه تشاور مرسي مع مساعديه وظل يعمل كالمعتاد وكأنه لا يدرك شيئا عن سقوطه الوشيك.

ونحو الساعة السادسة مساء، بعد ساعة من انتهاء المهلة، قال ياسر هدارة، المستشار الإعلامي لمرسي، هاتفيا من داخل المجمع: "الرئيس ما زال هو الرئيس وما زال يجلس في مكتبه مع فريقه."

وأضاف: "الجو العام في الواقع مريح. الناس تواصل العمل."

وعقب ذلك طلب من أغلب العاملين مع مرسي مغادرة المبنى.

وقال المصدر إن السيسي اتصل بمرسي نحو الساعة السابعة مساء وطلب منه للمرة الأخيرة أن يوافق على الاستفتاء على البقاء في منصبه أو تسليم السلطة لرئيس البرلمان.

اعترض الرئيس، فقال له السيسي إنه لم يعد رئيسا. وتم احتجاز مرسي وأقرب مساعديه مستشار الشؤون الخارجية، عصام الحداد، في المجمع وقيل لهما إنه لا يمكنهما المغادرة لسلامتهما الشخصية.

وقال المصدر العسكري عن مرسي: "عومل باحترام لأننا لا نريد تدمير صورته كرئيس لمصر." وأضاف أن الجيش استاء لرؤية مبارك القائد السابق للقوات الجوية وراء القضبان في المحكمة بعد إطاته.

وآخر مرة شاهد فيها كثير من المصريين الرئيس الذي فاز بأصوات 13 مليون ناخب في أول انتخابات رئاسية حرة قبل عام من خلال تسجيل فيديو على يوتيوب يجلس فيه إلى مكتبه ويندد باستيلاء الجيش على السلطة وينادي بالمقاومة السلمية.

وفي حين أن مرسي ظل كعادته يكرر كلامه في الخطاب الأخير نشر الحداد على صفحته على فيسبوك تحليلا من 885 كلمة لسقوط رئيسه.

وقال الحداد، وهو طبيب درس في برمنجهام: "أدرك تمام الإدراك وأنا أكتب هذه السطور أنها قد تكون السطور الأخيرة التي أتمكن من بثها على هذه الصفحة.

"ومن أجل مصر، وللدقة التاريخية دعونا نسمي ما يحدث باسمه الحقيقي: انقلاب عسكري."

وقال إنه إذا ترسخ تدخل الجيش "ستتردد الرسالة بكل وضوح في العالم الإسلامي أن الديمقراطية ليست للمسلمين. كثيرون رأوا من المناسب في الشهور الأخيرة أن يحاضرونا عن كون الديمقراطية أكثر من مجرد صندوق الانتخابات. ربما كان هذا بالفعل صحيحا. لكن الأمر المؤكد صحته أنه لا توجد ديمقراطية دون صندوق الانتخابات