دعوة الرئيس بوتين – والرجل له احترامه وهيبته – إلى تحالف أردني – سعودي – تركي – أسدي (سوري) للوقوف في وجه الإرهاب دعوة طريفة تدخل في باب: صدّق أو لا تصدق. حتى أن المعلم وزير خارجية سوريا استهولها إلى حدّ أن تحقيقها يحتاج إلى.. أعجوبة.
وبوتين القادر على تفسير مواقفه السياسية تفسيراً خاصاً، استقبل وزير الدفاع السعودي، وسط أنباء عن صفقات اقتصادية وتسليحية كبيرة، وكان من الطبيعي أن تروج «شائعات» في الكواليس الدولية بأن موسكو باعت الأسد. وبأن هناك تفاهمات روسية – أميركية لايجاد مخارج لأزمة سوريا دون الأسد. وأغلب الظن أن حشر الأسد في تحالف أردني – سعودي – تركي، هو محاولة طريفة من الرئيس بوتين لتهدئة الأعصاب المتوترة في دمشق، ولإعطاء زائر موسكو – المعلم – مادة لطمأنة النظام المتداعي، فهذا التدهور يمكن أن يعيش أسبوعاً أو أسبوعين على حرير «المقترح» الروسي غير البعيد عن التوضيبة السورية: سمك.. لبن.. تمرهندي.
ونعود إلى الأحلاف للوقوف في وجه داعش–واتمنى على التلفزيون الأردني عدم استعمال عصابة داعش في أخباره – فنقول: لا تنفع الأحلاف الدولية والإقليمية في القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة، فالعراقيون والسوريون وغيرهم من العرب هم الأولى بمعالجة زلزال داعش.
وواضح أن أنظمة متهالكة غير قادرة على ذلك، وفي هذا إعطاء داعش جرعات قوية عسكرية وسياسية، لأن داعش تقاتل عملياً عدواناً أجنبياً بدأ بقتال الاحتلال الأميركي وانتهى بقتال إيران. وقبل أن نقول شيئاً. فتركيا لن تتدخل عسكرياً لانقاذ نظام الأسد باسم «محاربة الإرهاب» والأردن كذلك. والسعودية ودول الخليج منشغلة باليمن.
لا يمكن محاربة داعش بالمضاد المذهبي، أو المضاد القومي فيما يُسمى بالأحلاف الدولية والعربية ضد الإرهاب، فالأساس هو إطلاق يد العراقيين والسوريين لحماية أنفسهم من إرهاب هم يعرفونه أكثر من غيرهم! وهم قادرون على مواجهته أقدر من إيران وأقدر من أميركا. لكن شرط اقتناع العراقيين والسوريين بأنهم يقاتلون دفاعاً عن وطنهم، وعن دولتهم المتحضرة المدنية.. الديمقراطية.
لا يمكن لسوري أن يقاتل دفاعاً عن نظام قتل ربع مليون وشرّد الملايين من وطنهم ومدنهم وقراهم، أو لعراقي يعرف أن النظام في بغداد قائم على نتائج الغزو الأميركي لبلده، وقائم على تحالف مذهبي مع إيران. فالسوري والعراقي يريدان القتال من أجل وطن حرّ متحضّر مدني يعيش فيه الجميع بأخوة وشراكة حقيقية تملأ البلد بالرفاه والسعادة والأمان.