معن البياري
أما وأَنَّ حركة حماس خسرت حليفاً مهماً، بإِخراج محمد مرسي من رئاسة مصر، وإِزاحة الإخوان المسلمين عن السلطة، فذلك تحصيلٌ حاصل. ولكن، أَن ينشط إِعلاميون مصريون، غير قليلين للأَسف، في بعض الفضائيات والصحف، في بثِّ كراهيةٍ مقيتةٍ باتجاه الفلسطينيين، بسبب تلك العلاقة بين الجانبين، فذلك مستهجنٌ وشديدُ الغرابة، يزيدُ من سوئه أَنَّ إشاعاتٍ تتفشّى بين مصريين عديدين أَنَّ الفلسطينيين سبب أَزمة الوقود، لأَن مرسي كان يزود غزة بمقادير منه، وعجيبٌ أَنَّ تلك الأزمة تم حلها فوراً مع عزل الرجل.
وعجيب، أَيضاً، أَنَّ تحاملاً مجنوناً يحدثُ في هذه الأيام، في بعض هذا الإعلام، تجاه السوريين، لأَن “الإخوان” ساندوا ثورتهم، ولأَنَّ سورياً مأفوناً اتهم بقتل مواطنٍ مصري، في جريمةٍ، بادر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة إِلى استنكارها، وكأَنَّ مصرياً قد يرتكب فعلة مؤسفة في صنعاء، لا سمح الله، تُسوِّغ لليمنيين استنفاراً ضد المصريين.
بصراحة، ثمة مرضٌ مزمنٌ في بعض الإعلام المصري، المكتوب والتلفزيوني، شاهدنا وقرأنا أَعراضه في أَثناء أَزمة مباراة كرة القدم مع الجزائر، وطالما عوين إِبان خلافات نظام حسني مبارك مع قطر، وفي أَثناء حوادث واحتكاكاتٍ فلسطينية آنية.
وإذ يحقُّ لأيِّ صحافي مصري أَنْ يأخذ الموقف الذي يريد، وأَنْ يحابي مبارك وأَجهزته ويخاصم مرسي وجماعته، فإن اللغة التي يستخدمها كثيرون من المصابين بالمرض المذكور لا تُجيزها قوانين ومواثيق وأَعراف وأَخلاق، سيما وأَنها تنحدر إِلى ردحٍ وإِسفافٍ لا قيعان لهما. ولمّا يشتم عمرو أَديب على شاشةٍ تلفزيونية الإخوان المسلمين سبّاً معلناً، وبأَلفاظ لا نعرف كيف تسمح وسيلةٌ إِعلاميةٌ بها، لا يصير مستغرباً منه أَن ينخرط في التأليب ضد الفلسطينيين والسوريين، وهو الذي كان نجماً في تلك الأزمة مع الجزائريين، وقد دعا من دون أَي حياء، إِلى إِيذائهم. وثمّة غير هذا الصحافي النحرير، ينشطون في التعريض بالسوريين والفلسطينيين، لا لشيء، إِلا لأَنَّ مرسي كان على تواصلٍ طيبٍ مع حماس والثورة السورية.
لم نُؤاخذ حسني مبارك عندما كان يستقبل في قصر الرئاسة سمير جعجع، إِلا لأَنه لم يكن يستقبل ميشيل عون، لكن خيوط محمد مرسي كانت متواصلةً مع خالد مشعل ومحمود عباس معاً. لا يلتفت المنشغلون في جرائد وتلفزات مصرية بالتطبيل والتزمير للفريق عبد الفتاح السيسي إِلى هذه التفاصيل، وكثيرون منهم كانوا من حملة المباخر لحسني مبارك وحزبه الوطني. يستقدمون، الآن، نجوماً ونجماتٍ في السينما والدراما، (سمير غانم مثلا) لإحداث الجاذبية واستقدام الإعلانات التجارية المربحة، في أَثناءِ جلسات التشنيع المسف والتجريح التافه والاستهزاء الفالت من أَي اعتبارٍ أَخلاقي ضد مرسي و”الإخوان”، وفي الأَثناء، يأتون على “حماس” والسوريين بتنكيتٍ بالغ السقوط. ولا مجازفة، هنا، في أَنْ نشتهي أَنْ تتعافى مصر من وباء هؤلاء، والذين أًساءوا إِلى بلدهم وصورته في غير واقعةٍ، ويشهرون، منذ أَيام، أَرطالاً من الرداءات التي نظنُّ أَن ثمة ضرورة واجبة لوقفها، الأَمر الذي يُناط العمل من أجله، بداهة، بقوىً وطنيةٍ وازنةٍ في مصر، تكون على قناعة بأَنَّ الإعلام المصري في حاجة إِلى إنقاذه من هذا التردّي في بعض خريطته.
إنها، أصابع لحسني مبارك تعود إِلى السلطة في مصر، سيما في أَجهزة الأمن والمخابرات، هذه هي الحكاية في بعض تفاصيلها، التقط صحافيون تعيسون هذا المستجد، فبدأوا تفاهاتهم، فأَصابت شظايا منها الفلسطينيين والسوريين.