حاول الرئيس اوباما خلال لقائه مع الصحافي توماس فريدمان القفز عن سلوك إيران العدائي تجاه جيرانها العرب وبخاصة تجاه دول الخليج العربية، واقترح خلال اللقاء ذاته فتح حوار بين دول الخليج العربية وإيران لإنهاء الاحتقان الطائفي، وكان واضحا أن اوباما ليس لديه أجندة أو برنامج عمل يحد من سلوك طهران العدائي تجاه دول الخليج وغيرها من الدول العربية، ولكي نكون منصفين فان الإدارة الأميركية السابقة والإدارة الحالية تصرفتا بصورة تصل حد التخطيط المبيت لإطلاق يد إيران ونفوذها في عموم المنطقة وبخاصة في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.
بعد الاتفاق الأخير بين إيران والدول الست بشان البرنامج النووي الإيراني زادت ثقة طهران في نفسها على صعيد هامش تحركها الإقليمي، فالمطلوب من طهران فقط الالتزام بفنيات الاتفاق النووي أما رعايتها للفصائل الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والاستمرار في دعم نظام الأسد في سوريا واستمرار تدخلها في الشأن البحريني سياسيا وامنيا وكذلك السعودية فهذا لا يتعارض إطلاقا مع الاتفاق لا من قريب ولا من بعيد.
وليست مصادفة على الإطلاق أن تزداد التصريحات المعادية للسعودية والبحرين بعد أيام من التوصل إلى اتفاق فيينا، فرأس النظام نفسه علي خامنئي وفي خطبة العيد قال أن إيران لن تتخلى عن دعم «الشعب المضطهد» في البحرين، على حد قوله، وبعد هذا الكلام الاستفزازي والعدائي خرج «أداة إيران الدموية» نوري المالكي في تصريحات معادية تماما ضد السعودية يتهمها فيها أنها هي من تدعم الإرهاب وهذا يدلل على أن طهران ونظرا لضعف الإدارة الأميركية ونظرا لفهمها الدقيق للاتفاق مع الدول الست انه ملزم لها في الموضوع النووي فقط وليس سلوكها العام المتمثل بدعم الإرهاب والجماعات الشيعية الإرهابية «الحشد الشعبي» في العراق الذي أنشأه نوري المالكي نفسه الذي يتشدق بمواجهة الإرهاب والتي تمارس القتل على الهوية الطائفية فإنها سوف تزيد من وتيرة التصعيد مع دول الخليج العربية ومعها دول الاعتدال العربي.
وفي إطار هذا التصعيد سوف يستخدم النظام الإيراني ووفقا لسلوكه المعروف عملية تحشيد دعائي وسياسي ضد العرب متخذا ممن يطلق عليهم « المضطهدون في اليمن «مبررا لذلك هذا من جهة، ومن جهة ثانية تماشيا مع أجواء اتفاق فيينا والتفاهم «مع الشيطان الاكبر» بات من الضرورة إلغاء شعار «الموت لأميركا» الذي رُفع على مدى أكثر من ثلاثة عقود وإيجاد شعار بديل يحشد الشارع حوله ويوجه من خلاله البسطاء والسذج ويدخلهم في حرب نفسية وقومية مع إخوانهم من المسلمين العرب انه شعار «الموت للعرب».
ما أوردته أعلاه كان في سياق تحليلي للسلوك الإيراني بعد اتفاق فيينا النووي، ولكن على ارض الواقع فان طهران وتحديدا الحرس الثوري بدا في التحشيد والتحريض العنصري ضد العرب حيث انتشرت مؤخرا في شوارع طهران شعار الموت للعرب وكتبت شعارات تحريضية ضد أسرتي الحكم في السعودية ومملكة البحرين.
إن غياب شعار الموت لأميركا والموت لإسرائيل ليس عملية دعائية فحسب بل تعكس التمهيد للمرحلة المقبلة للسلوك الإيراني في التعامل مع واشنطن وإسرائيل، فرغم الجعجعة الإسرائيلية ضد اتفاق فيينا فان قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين يدركون مدى المكسب الاستراتيجي الذي تحقق لإسرائيل من وراء هذا الاتفاق، ألا وهو توقف أي احتمالية لقيام حزب الله بأية أعمال عسكرية ضد إسرائيل انطلاقا من جنوبي لبنان، فامن إسرائيل وكما قال اوباما نفسه في لقائه مع فريدمان تعزز أكثر بفضل هذا الاتفاق وبخاصة من زاوية التهديدات القادمة من رجل الضاحية الجنوبية وحزبه.
***
* في محاولة مفضوحة وفاشلة للتغطية على السلوك الإيراني المتفاهم مع «الشيطان الأكبر» حول «النووي» وحول التدخل في شؤون العرب سارع الناطق العربي باسم إيران حسن نصر الله إلى الإعلان أن أميركا هي «الشيطان الأكبر» كانت قبل الاتفاق وستبقى بعده.. والسؤال هل بقى احد يصدق زعيم حزب الدفاع عن بشار الأسد؟