احسنت وزارة الخارجية صنعا بالاعداد لعقد مؤتمر المغتربين الاردنيين في الاردن والذي سيبدأ في قصر المؤتمرات على شاطئ البجر الميت غدا الثلاثاء بحضور كوكبة من رجال الاعمال والمستثمرين الاردنيين في الخارج وذلك تحت شعار (الاردن يجمعنا)، بهدف ايلاء المزيد من الاهتمام بأبناء الوطن في الخارج وتعزيز التواصل معهم، ويستمر ليومين. وهذه الاستراتيجية تجيء ايمانا من الوزارة بدور المغتربين المهم والحيوي في خدمة الوطن ودفع عجلة التنمية الى الامام، اذ تعكف الوزارة على انشاء قاعدة بيانات حديثة؛ لحصر اعداد المغتربين واماكن وجودهم والمهن التي يعملون بها بهدف مأسسة عملية التواصل معهم. وياتي المؤتمر الذي اتفق على ان يعقد في مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات في البحر الميت لتوثيق صلة الأردنيين في الخارج بالوطن، والوقوف على التحديات التي تواجههم بغية تعزيز الشراكة معهم وارتباطهم بقضايا الوطن وتحدياته من جهة، واستنهاض وتعميق الروابط بينهم بما يعود بالخير والفائدة على الوطن ويخدم مصالحه، ويعزز من مساهمتهم في عملية التنمية بمفهومها الشامل، ليعكس بذلك تطلعات الأردنيين في الداخل والخارج في رؤية أردن مزدهر ومستقر ومنيع ويعزز من دور الأردنيين المغتربين كسفراء لوطنهم في أي بقعة من بقاع العالم. وكان مدير ادارة شؤون المغتربين في الوزارة الوزير المفوض هيثم ابو الفول اكد مؤخرا انه تم التحضير للمؤتمر من قبل لجنة تحضيرية برئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين السيد ناصر جودة، وضمت في عضويتها عدداً من الوزارات والمؤسسات والدوائر الرسمية من القطاعين العام والخاص، سعياً للاستعداد لجميع محاوره بامتياز، وضمان تحقيق الأهداف المرجوة منه.. واللافت للنظر ان مواضيع المؤتمر قد وزعت على عدة محاور ابرزها السياسي: (الأردن- قصة نجاح) سيسلط الضوء على الرؤى والمبادرات الملكية وقصة نجاح الأردن واستقراره السياسي والأمني والدور الريادي للمملكة إقليمياً ودولياً، ودورها الطليعي في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف وتعزيز الأمن والسلم الدوليين.. اما المحور الاقتصادي فيركز على اطلاع المغتربين على التصور المستقبلي للاقتصاد الأردني (رؤية 2025) لتحقيق الرؤى الملكية في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والارتقاء بالقدرات التنافسية للاقتصاد الوطني، وتعزيز البيئة الجاذبة للاستثمار، كما يتطرق إلى الإصلاحات الاقتصادية والتشريعات المحفزة للنمو الاقتصادي وتطوير بيئة الأعمال، ودور الأردنيين في الخارج كشركاء في التنمية. وفي الواقع أن خزينة الدولة تمر بضائقة اقتصادية جراء الظروف المحلية والعربية والدولية، شرحها رئيس الوزراء مؤخرا والذي قدمه الى مجلس النواب، هذه الضائقة تستوجب من القطاع الخاص؛ اي البنوك والشركات الاستثمارية والاقتصادية القيام بدور فاعل الى جانب المغتربين الاردنيين من أجل دعم الموازنة، وصندوق الخزينة بشتى الوسائل، حتى يمكن تفادي وقوع المزيد من الاشكالات بغية النهوض باقتصادنا وتلبية احتياجات الوطن والمواطنين ومكافحة الفقر والبطالة وزيادة رواتب الموظفين في بعض القطاعات، فالمغتربون وكذلك المؤسسات الوطنية تلعب دوراً ريادياً من أجل مواجهة التحديات الكبيرة، في ظل الظروف التي شهدتها المنطقة العربية، اثر الازمات الحالية بعد ثورات الربيع العربي جراء الضعف العام في الاقتصاد العالمي، واستطاعت بعضها فتح الآفاق الجديدة نحو الفرص التمويلية الآمنة التي زادت من ربحيتها في ضوء سياسة حكيمة وحصيفة في الحفاظ على دورها الفاعل وتطوير قاعدة الاسهام في تنشيط اقتصادنا وتمويل بعض المشاريع التي تتصل بالبنية التحتية في العاصمة وبعض المحافظات واقامة المدارس والمستشفيات خاصة وأن الدولة بحاجة ماسة الى هذه المؤسسات الوطنية المالية للقيام بدورها الفاعل والريادي في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها الاجهزة الاردنية والتي لم يصلها من الدعم الخارجي من الدول الشقيقة سوى اليسير بعد ان تعهدت دول عديدة بتقديم مثل هذه المساعدات للاردن الذي يقوم بدور بارز وهادف من اجل دعم اخوانه سواء السوريون او غيرهم في المخيمات في ضوء عجز الوكالة الدولية للاجئين من تقديم المساعدات المطلوبة لهؤلاء اللاجئين؛ ما أدى الى اعلان اضراب موظفي الوكالة والحد من نشاطاتها في العديد من المخيمات. فاذا كان المواطن تبرع بجزء يسير من راتبه الشهري لدعم الموازنة، فان المغتربين الذين نقدر جهودهم واسهاماتهم لدعم البلاد وكذلك البنوك الوطنية وبعض المؤسسات الرائدة والشركات التي تجني أرباحاً طائلة في مختلف المجالات مدعوة للتحرك الجاد والنشط بغية دعم الخزينة، فضلاً عن اخواننا المغتربين الذين يتمتعون بالوفورات المالية، ويجنون الكثير، نتيجة جهودهم الكبيرة لبناء القدرات الوطنية في الدول الشقيقة والصديقة، مدعوون للقيام بدورهم لدعم الخزينة الاردنية، بدلاً من وضع مدخراتهم في المصارف الاجنبية في حين نحن أحوج ما نكون الى الوقوف ولو مرحلياً على بناء اقتصادنا الوطني بشكل سليم وفاعل عبر كل الصعد. فاقدام الحكومة على اعادة تنشيط مؤتمرات المغتربين الاردنيين وعقد اللقاءات معهم في الاردن، كما يجري اليوم بغية تطوير نشاطاتهم وحثهم على العمل الفاعل والدؤوب لدعم الخزينة الأردنية، واقامة المشاريع الاستثمارية كما يفعل اخواننا في الاردن وتحملوا المسؤوليات الجسام للنهوض بهذه الميزانية باقتطاع جزء يسير من رواتبهم لمواجهة هذه المرحلة بسبب الضائقة المالية نتيجة تفاقم الوضع السوري، والحد من الاستثمارات في الوطن، بالرغم من التسهيلات التي تقدمها الحكومة للمستثمرين عبر كل الصعد، واذا كانت المملكة العربية السعودية قدمت الكثير في دعم الميزانية، وتلتها الكويت وبعض الدول الاخرى عبر المنحة الخليجية والبالغة خمسة مليارات دولار على مدار خمس سنوات فان لنا كل الثقة في ان تبادر الدول الخليجية مجتمعة وابناؤنا المغتربون الى توفير الدعم الحقيقي للاردن بغية الوقوف الى جانبه في هذه المرحلة نظراً لدوره الوطني والقومي لسد العجوزات الناجمة عن تفاقم الوضع الاقتصادي العربي والدولي، وموجات اللاجئين السوريين الذين بلغت احتياحاتهم حتى الان سبعة مليارات دولار .فهذه المبادرات الوطنية والعربية أضحت ضرورة ملحة ليس على كل مواطن، ومؤسسة بل على الدول الشقيقة والتي سبق وقد وقفت الى جانب الاردن في دعم اقتصاداته والنهوض بها في شتى المجالات. وثمة نقطة مهمة يجب ان تلفت اليها وزارة الخارجية والقائمين على المؤتمر بضرورة دعوة مراسلي الصحف الخليجية ووكالات الانباء لتغطية فعاليات المؤتمر وتقديم كل المعلومات لهم كي يطلع ابناؤنا المغتربون كافة في اصقاع العالم على اهمية قرارات ومداولات هذا المؤتمر حتى لا تضيع جهود المؤتمر سدى كما حصل بالكثير من مؤتمرات الحكومة وخاصة التي اعدتها وزارة الخارجية التي تؤمن -بالسرية- ولا تضع الامور الاعلامية في هذا الواقع الفضائي المنفتح الاهتمام الكبير من الناحية الاعلامية بحجة ان امقاعد محجوزة للمقربين بعيدا عن ايلاء الناحية الاعلامية جل الاهتمام في المرحلة الحساسة. واذا كنا ندعو الى المزيد من الدعم والمساعدة والمبادرة لدعم الخزينة العامة فاننا ننطلق في ذلك من مسيرة النجاحات الكثيرة التي تم انجازها في الاردن في غير صخب، والتي تركزت دعائمها بتدرج مرحلي خلاق عبر منظومة رُقي تلازمت فيها الابعاد، من عمليات الاصلاح السياسي والاقتصادي الديمقراطي والدستوري الى التحديث الشامل الاجتماعي والتطوير الاقتصادي في ضوء الأزمة الاقتصادية الشاملة التي اندلعت في عام 2007 وتفاقمت في العالم في عام 2008 وأدت الى خسائر هامة في المؤسسات الوطنية العربية والدولية، والى انعدام الثقة بالنظام المالي الدولي، والى تراجع بالاسواق المالية نتج عنه تراجع في الاستهلاك وفي نسق النمو وانخفاض ملموس في الاستثمارات. الامل كبير في ان تسهم مؤتمرات المغتربين الجديدة هذه المعطيات الايجابية لاقتصادنا الوطني باقامة المشاريع الناجعة بالاردن لدعم دورنا القومي والريادي الذي ينتهجه جلالة الملك عبدالله الثاني في مختلف البرامج والمشاريع والسياسة الحكيمة وان يتنادى كل المواطنين واصحاب المؤسسات والشركات والبنوك الوطنية في النهوض باقتصادات الاردن في هذه الظروف الحرجة، لرفعة الوطن والمواطن ودعم الموازنة والخزينة معاً انطلاقاً من الجهود الاردنية المبذولة في مختلف الصعد الوطنية على تحسين صورة الاردن ومستوى معيشة المواطن حتى يظل الاردن كما نعهده عزيزاً وقوياً ومنيعاً لاستكمال البناء الوطني والقومي الذي نحن بحاجة ماسة اليه في هذه الظروف الراهنة والحساسة لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومن ابرزها الفقر والبطالة بغية تأمين مستوى معيشي افضل للمواطن الاردني باعتباره أغلى ما نملك، والعنصر الرئيس في عملية التغيير والتقدم من خلال شبكة منظومة الامان الاجتماعي التي شملت خدمات التعليم والصحة والتامين الصحي وتوفير المساكن لذوي الدخل المحدود ودعم صناديق المعونة الوطنية والتي ستسهم في وقف فرض الرسوم والضرائب ورفع اسعار الكهرباء والماء على المواطنين كافة!.