في ضوء الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع جلالة الملك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان, أمس الأول, فإن المفترض أن نحرص وأن يحرص أشقاؤنا الأتراك على أن تكون العلاقات بين البلدين الشقيقين ودائماً وأبداً راسخة ومتينة وعلى أساس أن هناك مصالح مشتركة لا حصر لها وأن ما يجمع أكثر كثيراً مما يفرق وأن مستجدات الشرق الأوسط وبخاصة خلال السنوات الأخيرة تتطلب التنسيق المستمر والاتصالات التي تتوقف ولا تنقطع والتفاهم على كل شيء وعلى كل صغيرة وكبيرة .
إنَّ أهم ما يجمع البلدين ويفرض عليهما التشاور المتواصل والتنسيق المستمر هو الأزمة السورية التي أصبحت بمثابة قنبلة نووية بين تركيا والأردن والتي تَقصَّد نظام بشار الأسد أن يدفعها إلى المزيد من التعقيد بإدخال «داعش» وأكثر من أربعين تنظيماً طائفياً على خطها وجَعَل إيران بكل دوافعها التمددية الرقم الرئيسي في معادلتها الفعلية.. السياسية والعسكرية .
ولهذا فإنه من الضروري أن يبادر الأردن إلى خطوة «المناطق الآمنة» التي أقدمت عليها تركيا فهو يستضيف بدوره ما يصل إلى أكثر من مليون ونصف من الأشقاء السوريين وهو يواجه تهديدات «داعش» في ضوء محاولات نظام بشار الأسد إيصال هذا التنظيم الإرهابي إلى حدوده كما أوصله إلى الحدود التركية ثم وهناك المخاوف المشتركة بين عمان وأنقره من تشظي سوريا وتمزقها وهذا في حقيقة الأمر ما عززه خطاب الرئيس السوري الأخير.. الذي لا يمكن إلَّا أن يفهم على أنه إعلان لقيام الدولة المذهبية التي بات الحديث عنها يجري بأصوات مرتفعة وبلا خشية ولا حياء .
إن البلدين, المملكة الأردنية الهاشمية وتركيا, بحاجة بل وبأشد الحاجة إلى وحدة موقف إزاء كل هذا الذي يجري في سوريا والذي قد يأخذها إلى واقع يهدد الدولتين أمنياً وسياسياً وعلى كل المستويات بل وإزاء كل هذه التحولات الخطيرة التي تشهدها المنطقة ويشهدها الشرق الأوسط وهذا يتطلب بالطبع تنسيقاً مشتركاً مع بعض دول هذه المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ومجلس التعاون الخليجي.. ومصر التي من المفترض أن يزول سوء التفاهم بينها وبين القيادة التركية على خلفية الموقف من جماعة الأخوان المسلمين المصرية .
ربما بل المؤكد أن الأردن وتركيا تجمعها المصالح العليا للبلدين الشقيقين في أن تبقى سوريا واحدة وموحدة وأن يقرر شعبها مستقبله ومصير بلده بنفسه وأن يزول هذا النظام الظالم المستبد وأن يتم القضاء على «داعش» وكل التنظيمات الإرهابية الأخرى الكبيرة والصغيرة وأن يتم التفاهم سلميّاً على بعض خلافات دول هذه المنطقة الطارئة وأن تُفْهم إيران أنها ستدفع في النهاية ثمن تدخلها في شؤون العديد من الدول العربية.. هذا التدخل الذي إن لم يوضع حدٌّ له وبسرعة فإنه سيصل حتماً إلى الشؤون التركية .
إنها خطوة موفقة ومباركة إن يجري الرئيس رجب طيب أردوغان هذا الاتصال الضروري مع جلالة الملك عبد الله بن الحسين.. ويقينا ولأن جلالته قد عوَّد شعبه وعود الأشقاء والأصدقاء أن يرد على التحية بأحسن منها فإن المتوقع أن تشهد العلاقات بين البلدين الشقيقين تطورات إيجابية مطلوبة كثيرة إنْ قريباً وإنْ على المدى الأبعد .