في الاخبار.. كشفت وثائق ويكيليكس مؤخرا ان هناك اتفاقاً سرياً بين واشنطن وتل ابيب على استمرار الاستيطان وتوسعة في القدس والضفة الغربية.. وهذا يعني ان هناك مظلة دولية تحمي اسرائيل من العقاب لاختراقها القوانين الدولية التي تمنع أي احتواء للاراضي المحتلة.. وان هذه المظلة الدولية بدأت مبكرا بعد حربي 1948 و1967 وهي مستمرة حتى الان ومستقبلا وهذا يعني عدم تقيد الدول الكبرى والصغرى بالقرارات الاممية التي تمنع الاستيطان وتوابعه في الاراضي المحتلة..
وبهذا الشأن..
يرى ديفيد ميللر الذي شغل مناصب استشارية بالقرب من ستة وزراء للخارجية الاميركية، منذ العام 1978 وحتى العام 2003 بأن (الامن القومي الاميركي يحتاج الى البحث عن مصالحه الحقيقية اليوم في الشرق الاوسط التي تاهت في دروب الليل والتدليل للصديق الاستراتيجي (اسرائيل) الذي لم تمارس الولايات المتحدة ضده القسوة التي تليق بعلاقة يخشى منها طرف على مصالح طرف آخر او بمعنى آخر علاقة الحب التي يقسو فيها المحب احيانا لحماية الطرف الشارد).
ويعلن ميللر في كتابه (الأرض الاكثر وعداً.. البحث الاميركي المراوغ عن سلام عربي اسرائيلي).. لقد تبنى كثير من المسؤولين الاميركيين للمواقف الاسرائيلية وقوفهم في خانة (محامي اسرائيل)، دون ان يدركوا ان المصلحة الخاصة التي تربط بين الولايات المتحدة واسرائيل يمكن ان تستمر في الاتجاه الصحيح وليس لممارسة التعنت ضد طرف لحساب آخر).
ويدعو ميللر قيادة بلاده (الى ممارسة قدر من الشدة الحاسمة مع مختلف اطراف الصراع عندما يكون الامر في حاجة الى حسم وعند مفترق طرق والسعي الى كسب مصداقية من طرفي التفاوض حتى في الاوقات التي كانت المفاوضات تمر بأزمة ثقة بين اطرافها والمثابرة على انجاز طرف واحد محدد سلفا باعتباره هدفا وطنيا خالصا يخدم المصلحة الاميركية والجدية التامة في التعامل مع عنصر الزمن وتحديد اطر زمنية واضحة لانجاز الهدف سلفا).
ويُمضي ميللر المفاوض الاميركي المخضرم بين الفلسطينيين والاسرائيليين ليقدم وصفا للعلاقة بين الولايات المتحدة واسرائيل فيقول: (إن إسرائيل حصلت على اربعة وعود في ارض فلسطين، الاول الوعد التوراتي، والثاني وعد بلفور البريطاني، والثالث من الأمم المتحدة بقرار التقسيم، والوعد الرابع من اميركا والحبل على الجرار في ظل الوضع العربي المتردي.. حيث وصلت الحال الى خلاصة مفادها لا يمكنك ان تكون اليوم ناجحا ما لم تكن تحمل وجهات ايجابية ازاء اسرائيل..!
ولكن ميللر يؤكد ان الولايات المتحدة ما زالت قادرة على صياغة لغة وسياسة جديدة لدورها كوسيط بين الفلسطينيين والاسرائيليين ليس من موقع الحياد ولكن من نفس الموقف الراهن الذي يشدد على العلاقة الخاصة بين واشنطن وتل أبيب وذلك باستغلال العلاقة الخاصة في الضغط الذي يصل الى مرحلة القسوة لدفع اسرائيل الى مسارات جديدة.
ويرى ميللر، ان التاريخ التليد للاماكن المقدسة يقف حجر عثرة امام دور أميركي حقيقي في التسوية فمن يجرؤ على تقسيم القدس التي حملت كل نبوءات الأديان السماوية بين جدرانها وشوارعها، لا يمكن للاميركيين ان يتعاملوا مع القدس على انها شطيرة من اللحم او فطيرة يمكن تقسيمها بيسر، انها حرب ليس مع الحاضر وحده ولكنها حرب ضد التاريخ ايضا مثلما قال الكاتب الاميركي وليام فولكز: الماضي لم يمت ليس لانه حتى ماضٍ، ان الصراعات يقودها الميراث التاريخي والذاكرة والهوية والخوف الوجودي من التدمير، متحدثا عن مشهد من شرفة فندق بالقدس (بعد عناء طويل من التفاوض الصعب تبادلت المزاح مع المفاوض الفلسطيني جمال هلال مسترجعا تاريخ القدس فيقول ميللر: لا بد ان صلاح الدين والملك ريتشارد يضحكان ملء شدقيهما في قبريهما اليوم وهما يريان محاولاتنا الفاشلة للتوصل الى حل سلمي للقدس المدينة ولفلسطين (الاراضي المقدسة) التي أُريقت من اجلها دماء كثيرة جدا..!