أخر الأخبار
تداعيات “سلطوي” جوال  ..
تداعيات “سلطوي” جوال  ..

 أحن إلى الوطن، وأشتاق كثيرا إلى شجرة التوت في فناء بيتي في القرية، لكن الاحتلال لعنة الله عليه يطاردني بالمضايقات، وينغص عيشتي، ويرفض الاعتراف ببطاقة الفي آي بي التي كانت تبعدني عن المسافرين العاديين الذين يتصببون عرقا على الجسر ويغلقون الممرات بالحقائب و"البقج" ويتزاحمون في الصعود إلى الباصات

في الحقيقة ينبغي أن أكون موضوعيا، لأن اسرائيل لا تتحمل وحدها مسؤولية معاناتي وعذابي في المنافي بين عواصم البلاد القريبة والبعيدة وفنادقها التي تخلو مطاعمها من "المسخن" و"المقلوبة" و"المفتول" وتشارك في حصار الفلسطيني والتعتيم على ثقافته، كما أن إرثي النضالي يمنعني من الشكوى من قوائم الطعام التي يتكرر فيها "الستيك" بطريقة مملة.

لا بأس، سأتحمل لأن هذا قدري، بل قدرنا جميعا في مواجهة الاحتلال البغيض، ولكن ما يستفزني ويثير غضبي هو فساد إدارتنا وضعف أدائها وتقصيرها المتعمد لتعطيل حياتي وحياة الكثيرين من أقراني ورفاق النضال. وهذه نماذج من هذا التقصير المتعمد:

- خاطبت المعنيين في رام الله قبل أربعة أيام برغبتي في السفر إلى لندن، ولم يتم حجز الفندق وتذاكر الدرجة الأولى الا قبل يومين، ما تسبب في تأخري بشراء الهدايا.

- تغيب سائقي الخاص عن العمل بسبب مرضه، ورغم أن السلطة تعرف ذلك فإنها لم توعز بتعيين سائق بديل، ما كبدني تكاليف كبيرة للحصول على سيارة مناسبة ولائقة وسائق مهذب.

- تأخر المعنيون في دفع أقساط ابني وابنتي في الجامعة ما أثر على حالتهما النفسية وانعكس على تحصيلهما العلمي في كلية الفنون الجميلة. وتم دفع الاقساط بعد اضطراري إلى إجراء اتصال هاتفي مع المدير المعني بأمر الصرف، والذي تبين لي أنه يعرف مسبقا تاريخ سداد الأقساط!

- شاركت في مؤتمر سياسي خطير في كازاخستان لدعم القضية الفلسطينية، ولم أتمكن من أداء دوري الحيوي لأن آخرين من المقربين من الزعيم سبقوني إلى توقيع الصفقات التجارية مع الشركات الكازاخية. وعدت خالي الوفاض.

كل ما سبق لا يعني الكثير لرجل مثلي نشأ وترعرع في زمن النضال ومقاومة الاحتلال، لكن ما لا استطيع احتماله هو التآمر على مشروعنا الوطني بمقاومة الاستيطان بالفيلات في الحي الدبلوماسي في رام الله. لقد تعثر المشروع رغم خطورته وضرورته في هذه المرحلة التي يتفشى فيها السرطان الاستيطاني في أرضنا. وزاد من غضبي أنني سمعت أيضا من بعض أقراني أن فيلاتهم لم تكتمل في الأحياء الدبلوماسية في "جباليا" و"بلاطة" و"الأمعري" وباقي مخيمات الصمود!

الا تستطيع السلطة حقا أن تحصل على الدعم من الدول الشقيقة والصديقة لاستكمال المشروع؟! وهل ندير ظهرنا بهذه الطريقة المخجلة لحق الوطنيين في مقاومة الاستيطان بالفيلات؟!

أفكر حاليا بتشكيل هيئة للدفاع عن متضرري الحي الدبلوماسي في رام الله على أمل أن تتسع عضويتها لتشمل متضرري الأحياء الدبلوماسية على امتداد الوطن، وربما نشرك في العضوية أيضا أصحاب شركات المقاولات والأثاث ووكلاء المطابخ المستوردة لأن المطابخ ضرورية لمواجهة تقصير الفنادق في تقديم "المسخن" و"المقلوبة" و"المفتول" وبذلك نتقدم في معركتنا ضد الاستيطان وفي مواجهتنا لمحاولات التعتيم الثقافي ومسح تراثنا.

هذا غيض من فيض، لكنني لن أزيد حتى لا يفسر هذا النقد على أنه معارضة للحكم الرشيد والنهج السديد لخط أوسلو المجيد.