افلاس «الاونروا» ووقف خدماتها التعليمية والغذائية والصحية، هو قبل كل شيء مشكل أردني بامتياز.. ذلك أن هناك 150 ألف طالب، وثلاثة أرباع المليون مُعرّض للمرض، وأكثر من مليون ونصف المليون بحاجة إلى إعاشة اضافية . وطالما أن هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين يعيشون في الأردن فمسؤولية الاونروا تصبح .. مسؤولية الدولة .
والأخطر أنه في الوقت الذي تنقطع فيه الاونروا عن دورها الاغاثي، يأتي دور اللاجئين السوريين: اغاثتهم، وتعليمهم، وتطبيبهم، واسكانهم . صحيح أن هناك متطوعين عرباً وأجانب في الزعتري، وأن الكويت تقدم هذا الأسبوع ثلاث مدارس جديدة في هذا المخيم. لكننا نعرف أن الجرح الساخن يجد من يضمده أو يساعد في تضميده، لكن الجرح سيبرد بعد خمس سنوات، وسنجد أننا.. مسؤولون عن مليون ونصف المليون لاجئ سوري .
لقد حافظ الفلسطينيون على «الكرت» لأنهم يريدون العودة. والسوريون يعيشون في الأردن بدون أونروا، في المخيمات أو على أطراف المدن. لكن هذه الملايين هي أكثر من الشعار، أو متطلبات العيش.. فهي تعيش وسط مجتمع أردني له حياته هو الآخر. فالصبي الذي لا يجد بيتاً ملائماً، ولا مدرسة ولا يجد أبوه أو أمه مستشفى هو بذرة مُعادية في محيطه.. لأن حياته غير مرتبة .
من المسؤول: إسرائيل التي نهبت الأرض وشرّدت الشعب؟. أو النظام السوري الذي لم يمدّ يده لشعبه فيعمل على وقف هجرتهم، ليس بالبراميل المتفجرة، أو بالدبابات أو صواريخ أرض – أرض .. فهذه هي سبب هربه من مدينته أو قريته.
منظمة التحرير الفلسطينية كالأردن كلبنان تطالب المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته. فهذا المجتمع قسّم فلسطين، واعترف بالجزء اليهودي، لكنه أدار ظهره للفلسطينيين.. واعتبر أن قضيتهم هي قضية..إغاثة
النظام السوري غير معني بالكارثة الإنسانية التي أنزلها بالسوريين . المهم انتصاراته العسكرية.. وحين سحب جيشه وأمنه من الحدود السورية، فإنما كان يفتح الابواب للتشرّد، والهرب، ومغادرة الوطن ويشجعها.. فلماذا يهتم بالسوريين وهو يقتلهم.. وينتصر؟؟.
حين يقول الأردن أنه لا يستطيع. فانه لا يتخلى عن أهله.. وهو مستعد لاقتسام لقمة العيش معهم لكن المطلوب أكثر من لقمة العيش . المطلوب ملايين الناس الذين يعيشون خارج وطنهم..خارج حياتهم الطبيعية .
نتمنى على الذين ينشغلون هذه الأيام «بانقاذ» سوريا من التدخل الأردني، ان يقولوا لنا: من هو الذي يتدخل في حياة الآخر ؟ هل نحن الذين نهرب إلى سوريا حفاة عراة، ونقلب حياة شعبها من كيانه الطبيعي.. إلى احتواء كيانات.. ربي كما خلقتني؟!.
نظن أن الوقت حان لنقف لحظة.. ونفكر .