حين تفشل مفاوضات الزبداني لوقف اطلاق النار، فإن البحث عن الأسباب، وتثبيتها في الحرب الأهلية السورية، إنما هو الكارثة ذاتها:
- فالمفاوض عن الدولة السورية هم الإيرانيون وحزب الله.
- والمطلوب ليس تسليم أسلحة الثوار، وإنما هجرة السكان الباقين من أهل الزبداني إلى قريتي فوعة وكفريا في إدلب.. في عملية تبادل السكان السُنّة بالسكان العلويين بحيث تصبح حدود سوريا من القلمون.. حدوداً شيعية، وحدود إدلب عند فوعه وكفريا.. حدوداً سُنيّة.
.. هذا النمط من «الحلول السياسية» كما يراها الإيرانيون وحزب الله.. ونظام البعث الحاكم من ورائهما، هي التي يجب أن نفهمها حين تطرحها روسيا على المعارضة السورية، أو حين يذهب وليد المعلم بها إلى مسقط، وغير ذلك من قصص جنيف -1 ودهاليزها ليست إلاّ نمط المخادع الساذج حين تتصدى موسكو للبحث عن الحلول، في تعاملها مع السعودية والولايات المتحدة ثم تبعث بمقاتلات ميغ31 لنظام لا هدف له إلا اخضاع شعبه بالقوة.
.. هناك حجماً هائلاً من المخادعة الدولية، وسط هذه المذبحة في سوريا والعراق واليمن وليبيا.. حيث انهارت الأنظمة، وأصبحت ولاءاتها موزعة بين إيران وروسيا وأميركا.. ولاعبين صغاراً يوزعون الأسلحة والشيكات في الخفاء، ويمارسون الكلام المُعسّل في العلن.
لقد سمعنا أن الحكومة ببغداد ومجلس الشعب اتخذا قرارات واضحة بوقف الفساد والهدر المالي وسمت بالاسم نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء.. وفتح التحقيق مع المتهمين بالفساد المالي منهم.وقد امر رجل الدين النافذ مقتدى الصدر مطار بغداد بمنع سفر عضو حزبه في مجلس الوزراء لأنه مطلوب للتحقيق. فكيف سافر المالكي إلى طهران دون أن ينصاع إلى عزله من وظيفته؟ ولماذا تستقبله العاصمة الإيرانية باعتباره نائب رئيس الجمهورية؟!.
وبالأسئلة ذاتها: بأي صفة تستقبل موسكو الجنرال سليماني، قائد عمليات التدخل الإيراني في كل من العراق ولبنان وسوريا؟!. ألا يكفي رئيس الجمهورية ووزير الخارجية؟!.
هذا يحدث حين تفقد الدولة سيادتها فقط. وحين تتداخل الأمور بين التحالف والتبعية. وحين تسقط الشعارات الكبيرة الوطنية والقومية، الواحدة بعد الأخرى وتبرز الوجوه الحقيقية للطائفية والمذهبية وتهجير الملايين من مواطنهم واحلال آخرين مكانهم: وإلاّ فما الفرق بين الترانسفير الصهيوني للفلسطينيين والترانسفير الإيراني لسُنّة الزبداني وإحلال علويين من فوعا وكفريا مكانهم؟ .
حين كنا نقول إن المصلحة الأولى للصهيونية هي تحويل العرب إلى «كنتونات» دينية ومذهبية من حولها. بحيث تكون هي دولة اليهود وحولها دولة السُنّة ودولة الشيعة ودولة الموارنة ودولة الأكراد.. وتكون هي الأكبر والأقوى والأوسع هيمنة .