صاحب فكرة الحوار الخليجي – الإيراني أساساً هو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي دعا الولايات المتحدة في التصريح نفسه, الذي طرح فيه هذه الفكرة, إلى الاستنجاد ببشار الأسد, الذي هو في وضع لا يسر الصديق ولا يغيظ العدا, لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي والواضح أن موسكو, التي أكدت أمس الأول على أن موقفها من الأزمة السورية لا يزال على ما هو عليه ولم يتغير مصممة على استغلال الاتفاق النووي الذي تم توقيعه بين طهران ودول «5+1» لتثبيت هذا النظام السوري المستمر بذبح «شعبه»!! بوحشية لا مثيل لها ومصممة أيضاً على فرض إيران على «الخليجيين» بعجزها وبجرها وبتدخلها السافر في شؤونهم الداخلية .
لا يريد لا عرب الخليج ولا العرب كلهم في باقي الدول العربية هذه العلاقات المتوترة مع دولة مجاورة من المفترض أنها شقيقة وتربطها بهذه الأمة رابطة الإسلام العظيم ورابطة الحضارة الإسلامية المشتركة والتاريخ الطويل ولكن المشكلة هي أن هؤلاء الأشقاء الإيرانيين يريدون علاقات تبعية لا علاقات متوازنة ويريدون أن تكون الدول الخليجية مجرد أجرام صغيرة تدور حول الكوكب الإيراني وكما هو حال العراق وسوريا ولبنان.. وللأسف !!
إن الحوار حتى بين الأعداء وحتى بين الدول المتحاربة يصبح ضرورياً ولازماً في لحظة من اللحظات لكن السؤال هنا هو: هل يا ترى أن هناك مُسْتجداً مشجعاً من قبل إيران يفرض الاستجابة لهذه الدعوة سواءً كانت قطرية أم روسية.. ما الذي «بدَرَ» من الأشقاء الإيرانيين من حسن نوايا حتى يفتح الخليجيون صفحة جديدة مع هذه الدولة المجاورة التي لم يرَ منها هؤلاء ومعهم العرب بمعظمهم إنْ ليس كلهم إلَّا المنغصات إنْ في عهد الشاه البائد وإن في عهد الثورة الخمينية التي خيبت آمال كل الذين راهنوا عليها حتى قبل أنْ يصيح الديك ؟!
قبل يومين فقط وفي الوقت الذي بدأ فيه «التهامُس» حول الحوار المنشود بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي استناداً إلى دعوة سيرغي لافروف المعلنة صُدِمَ الشعب الكويتي الطيب وصُدِمَ معه عرب العروبة الصادقة بحجم المتفجرات الإيرانية المدمرة والقاتلة التي قامت الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية بتهريبها ودفنها كألغام موقوتة تحت أجساد الأطفال الكويتيين ليستخدمها ضعاف النفوس ضد بلدهم وأهلهم وأبناء شعبهم عندما تصلهم «الأوامر» من حزب الله وحسن نصر الله.. التي هي في الحقيقة أوامر حراس الثورة .
فهل يا ترى من الممكن أنْ تغْمض دول مجلس التعاون الخليجي عيونها عن هذه الحقيقة المرعبة وعن حقيقة ازدياد الضغط الإيراني على مملكة البحرين «الخليجية» في الآونة الأخيرة وتبادر إلى استقبال المفاوضين الإيرانيين, الذين قد يكون من بينهم الجنرال قاسم سليماني, بالأحضان وكأنه لا وجود لكل هذه التحديات وكأنه لا وجود لكل هذا التدخل الإيراني السافر في العراق وسوريا ولبنان واليمن.. وكأن طهران لم تلغ السيادة الوطنية السورية وغدت تتفاوض مع المعارضين السوريين بدلاً عن بشار الأسد وليس نيابة عنه .
إن الحوار مع إيران لازمٌ وضروري لكن ليس بدون «مبادرة» حسن نوايا من قبل «الأشقاء» الإيرانيين فالخليجيون خاصة والعرب بشكل عام, والمقصود هنا هو الشعوب وليس الأنظمة بحاجة, إلى «لمْس» ما يدل على أن النظام الإيراني بات مستعداً لتغيير سياساته وتصرفاته تجاه هذه المنطقة العربية وأهلها وقضاياها المصيرية.. وإلَّا فإن أي خطوة مجانية قد يقدم عليها مجلس التعاون الخليجي ستفهم من قبل أصحاب الرؤوس الحامية في طهران على أنها تنازلات مجانية وأنها من قبيل الاستسلام للأمر الواقع .