تعاني تركيا من أزمة هوية ، فهل هي دولة إسلامية كما يوحي حزب العدالة والتنمية ، أم هي دولة أوروبية كما يوحي طلبها الحثيث بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ، أم أنها امتداد للسلطنة العثمانية التي سقط تاجها قبل نحو قرن من الزمان ، أم أنها دولة قومية علمانية كما أكد مؤسسها الحديث كمال أتاتورك.
يقول المعلم الدكتور عبد الكريم الغرايبة رحمه الله: لا يكاد يوجد أتراك حقيقيون في تركيا ، فالجزء الشرقي من تركيا يسكنه الاكراد الذين يشكلون25% من إجمالي سكان تركيا ، والجزء الجنوبي يسكنه عرب هم مواطنو لواء الاسكندرون وديار بكر ، وهما قطعتان من الوطن العربي تمكنت تركيا ، بالتواطؤ مع فرنسا من ضمها كجزء من مقايضة سياسية. ويبلغ تعداد العرب في هذين الإقليمين 15 مليون أو 20% من سكان تركيا.
أما الجزء الغربي من تركيا فيسكنه أحفاد البيزنطيين الذين كانوا يشكلون شعب الامبراطورية الرومانية الشرقية وعاصمتها القسطنطينية التي تغير اسمها إلى اسطنبول بعد قدوم المجموعة التركية من وسط آسيا التي سيطرت على البلاد فلم يهاجر السكان الأصليون بل اختار أكثرهم التحول إلى الإسلام.
تركيا التي ابتلعت ديار بكر ولواء الاسكندرون ، تريد الآن أن تقتطع جزءاً ثالثاً من أراضي سوريا تحت عنوان منطقة آمنة ، تحكمها تركيا مباشرة أو بالواسطة ، ولا تخرج منها بعد حل الازمة السورية عاجلاً أم آجلاَ.
وهنا نلاحظ أن تركيا ، التي تحالفت مع داعش ودعمتها ، وتعاملت معها تجارياً ، وسمحت بمرور المقاتلين والسلاح وشراء البترول السوري ، تحاول الآن أن تبدو كأنها تحارب داعش.
تقول الحكومة التركية أن طائراتها تضرب الأكراد وداعش. والواقع أنها لا تضرب سوى الأكراد في العراق وسوريا. وتقول أنها تقوم بحملة اعتقالات لمشبوهين بالانضمام إلى حزب العمال الكردي وداعش مع أن 99% من المعتقلين وجميع القتلى هم من الأكراد. والآن تريد منطقة آمنة تستبعد الجيش السوري وداعش مع أنها ستكون همزة الاتصال بين داعش والعالم الخارجي.
هم تركيا الأول والاخير إسقاط النظام السوري ، وهدفها الحقيقي إسقاط الدولة السورية وتحويل سوريا إلى غنيمة جاهزة لإشباع أطماعها في الأراضي السورية كما يشير قبر أبو العثمانين الذي نقلوا قبره ولكنهم ابقوه داخل سوريا ليظل بمثابة مسمار جحا.