من سخريات القدر أن يخسر التيار الوطني والوطنية الفلسطينية غزة وفتح مرة واحدة وهذا لم يحدث حتى من لاعب مبتدئ على طاولة قمار.
يا سيدي الرئيس أدواتك وخططك وقياداتك ومطبخك قد فشلوا جميعا في استعادة غزة للحضن الوطني منذ ثماني سنوات وكان من الممكن عمل أفضل مما قمت به وهذه عقلية الثأر التي تجتاحك لا مكان لها في السياسة على المدى الطويل لشعب تحت الاحتلال وبسببها يدفع أثمان كبيرة ومضاعفة نتيجة هذه العقليات المتحجرة وما نتحدث به ليس محاباة لحماس عاطفيا أو موضوعيا فالسياسة لا تحمل العواطف والمحاباة بل تدار بطريق المصلحة الوطنية العليا وإنهاء معاناة الشعب هي مصلحة أعلى من مصالح الأحزاب والأفراد مهما كانت مواقعهم حيث دفع شعبنا بعد الانقلاب ثمنا أفظع من ثمن الانقلاب الحمساوي الدموي والذي مر على شعبنا في ثنان سنوات اكثر عنفا مما مر على الشعوب المشتبكة على مر التاريخ والأزمان.
الشعوب تخرج من حروب أهلية أكبر بكثير مما حدث في غزة وتعود لتتصالح مع ذاتها ومنافسيها وشعبها ونحن شعب مازال تحت الاحتلال وأجدر بنا تجاوز هذه المحن وعدم اخضاعها لعقلية الثأر العائلي الحزبي والشخصي وقاعدة التاريخ وعبره هي التصالح والسير إلى الامام وهي خاضعة لموازين القوى بعد الاشتباك أو الحرب أو الانقلاب كما في حالتنا مهما كنا نرفضها ولا تعجبنا مطالب الآخرين.
لا تجاوز بالمطلق عن حقوق الضحايا والمتضررين مما حدث في غزة بل هناك ترتيبات خصت جميع متعلقات الانقلاب وملفاته ولكن ليس الاستمرار سيادة الرئيس في إمكانية أخذ الثأر أو مضايقة الخصم أو رفض ميزان القوى حيث نتائج عدم التسليم بالهزيمة التي حدثت قد أصابت شعبك في مقتل أكبر مما تعرفون للأسف .. أنا لا أريد حكم حماس ولا قواسم مشتركة بيننا تدعونا لمهادنتها بل هذا الشعب الضحية بقسميه المتحزب والمستقل عن كل الأحزاب هو البوصلة التي نهتدي بها فليس لديك حتى الآن القوة القادرة على استعادة غزة للسلطة المركزية بالقوة ولا بتنفيذ الأمر الواقع ولا داعي للتشنج والرفض لمطالب قد تكون حماس تبتزها ولكن هي تمتلك عناصر قوة في موقعها وللمصالحة ثمن يجب أن تدفعه الأحزاب المهزومة لا أن يدفعه الشعب المسالم الذي خربت خدماته وتعطلت حركته وأصابه أمراض نفسية وأمراض الادمان والبطالة والعنوسة والجهل والتبعية وكل من له تأثير في منطقتنا يعمل سكينه فينا بدأ من الأحزاب مرورا بالمؤسسات الدولية والأهلية وانتهاء بإسرائيل وبينهما تجار الحروب والانتهازيين القذرين الذين لا يرحمون شعبنا فيزيدون معاناته دون رادع من ضمير أو رادع من قانون.
أنت توغل سيادة الرئيس في عقلية الثأر والانتقام وها أنت أيضا ذاهب للانتقام من فتح هذه المرة بعد محاولة الانتقام من حماس ولكنك تنسى انك انتقمت من شعب غزة وتنتقم من فتح والتيار الوطني الذي تقوده فتح.
ماذا تريد سيادة الرئيس بعد ضياع غزة وعدم القدرة على استعادتها وكان يمكن استعادتها والقبول بتوازن القوى وإكمال والمطالب مهما كانت نبتزة فهي لصالح مواطنين من شعبنا مهما كانت انتماءاتهم وهذا أفضل لشعبنا الذي يجب أن يكون هو البوصلة وليس استئصال الأخرين ثأرا.
ها أنت تثأر من رفاق دربك بكل غريزة الثأر التي لا مكان لها في السياسة كما قلنا لشعب تحت الاحتلال ها أنت تريد أن تفقد فتح مثلما فقدت غزة وتريد المزيد من معاناة شعبنا ففي كل خطوة ثأر سياسية لك من المنافسين أو من رفاق الدرب أو التنظيم هي توسيع لرقعة المعاناة الشعبية التي على ما يبدو لا تشكل في بوصلتك سيادة الرئيس اهتماما أو اخلاصا لشعب قد ذبحته بلا طائل ولا حتى نجحت في الانتقام والثأر.
سيادة الرئيس إما أن تستعيد غزة وإما أن تستعيد فتح فحرام أن تسعى لضياع فتح كما أضعت غزة حتى الآن.
حماس والتيار الاسلامي بمجمله يمكن هزيمته ديمقراطيا لو رضي عنه الجمهور ولكن عليك أن تفكر سيادتكم والتيار الوطني كله لماذا تخشون من كل ما يلزم وما هو مطلوب لاستعادة موازين القوى الوطنية وعليكم والأحزاب الوطنية والتيار الوطني والوطنية الفلسطينية تغيير موازين القوى لصالحكم فما ذنب شعبك إن لم يكن لديكم ما يجعل شعبنا في صفكم وقد كان ولكنكم أضعتم هذه الشعبية وهذه الثقة ونهاية أقول لا يخشى من المصالحة وتقديم التنازلات إلا من لا يجيد كسب الجمهور والقوة القادرة على النصر على النافسين.
لا تسقطوا فتح كما أسقطتم غزة وحافظوا على وحدة فتح والتيار الوطني وابتعدوا يا قيادة هذا الشعب عن خصائص الثأر فالشعب وتياره الوطني أولى باستعادة غزة وفتح وأقدر على هزيمة منافسيه لو وجد قيادة حقيقية تعرف كيف تمتلك التفوق في موازين القوى الشعبية والسياسية وإن كنتم لا تستطيعون غزة فلا تفرطوا في فتح فتدمروها بالثأر القادم الذي تستحضرون لمؤتمركم وتغييراتكم كل وسائل الخداع والتزوير لإنهاء ما تبقى من أمل للوطنيين ألا وهي فتح موحدة وقائدها لا يثأر لنفسه أو كرسيه أو خاصته بل يثأر لشعبه الذي مازال تحت الاحتلال.