لا تخفي على أحد من المتابعين للقضية الفلسطينية وثيقة مستشار الأمن القومي الصهيوني السابق اللواء احتياط ، جيورا إيلاند، ويطرح فيها أن مملكة الأردن هي دولة الفلسطينيين، وبوضعها الجديد ستتكون من ثلاثة أقاليم تضم حكم ذاتي في الضفة الغربية والشرقية و دولة غزة الكبرى، والتي تأخذ جزءا من مصر حسب المخطط الصهيوني القديم الجديد؛ حيث تقع الوثيقة في (38) صفحة تحت عنوان (البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين). وما يجري اليوم من وكالة الغوث الدولية لوقف خدماتها للاجئين الفلسطينيين إلا جُزءًا من المؤامرة لشطب حق العودة والتوطين؛؛؛ ويري المُتابع لما وراء الكواليس من مُجريات للأمور أن مشروع الدولة الفلسطينية، كما هو مطروح في حل الدولتين الذي خُدعّنِا به من قبل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قبل غزو العراق، وهلل له بعض المحللين في المنطقة، أصبح الآن غير قابل للحياة، وأنه من الضروري حسب مشروع الجنرال الصهيوني (إيلاند) هو البحث عن بدائل أخري، وثم طرح بديلين خطيرين الأول منهُما: هو تخلي إسرائيل عن معظم الأراضي التي تسيطر عليها حاليا في الضفة الغربية، لإقامة دولة فلسطينية تنضم في اتحاد كونفدرالي مع الأردن- أما الثاني: فيطرح فيه تبادلا للأراضي، ويشمل عدة دول: مصر، إسرائيل، الأردن، والفلسطينيين، ودولة في غزة، وحكم ذاتي للضفة- وزعم إيلاند أن إسرائيل نجحت بجهود سرية خصوصًا في إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط علي العرب للاشتراك في حل إقليمي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، يقوم علي استمرار سيطرة إسرائيل علي مساحات ضخمة جدًا؛ أي أكثر من 80% من مساحة أراضي الضفة الغربية، مقابل تعويض الفلسطينيين، بمساحات من شبه جزيرة سيناء لإنشاء دولة فلسطينية مستقرة وقادرة علي النمو والمنافسة- ولكن من أخطر ما كشفه الجنرال الصهيوني المتقاعد إيلاند هو: "أن عملية الانسحاب الأحادي الجانب من غزة عام 2005 زمن الهالك المُجرم شارون، كانت الخطوة الأولي في هذا الاتجاه، وهو ما رفضته مصر ولاتزال، لأنها تعرف وتدرك مدي المخططات الإسرائيلية، والخطوة الثانية الانقسام الفلسطيني، والمخطط الثالث حكم الإخوان لمصر؛ وبزوال سيطرة الإخوان عن سدة الحكم في مصر أفّشل هذا المشروع جزئيًا،،، وكل ما سبق يتساوق مع تصريحات قالها وزير الجيش الصهيوني المُجرم موشيه يعلون والذي قال علنًا: "لن تقام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وإنما حكم ذاتي منزوع السلاح"، وأضاف يعلون في سياق مقابلة مع صحيفة (يسرائيل هيوم) العبرية إنه "ستكون لإسرائيل سيطرة أمنية كاملة جويا وبريا على هذا الحكم، وأنه لا يسعى إلى إيجاد حل مع الفلسطينيين وإنما إلى ادارة الصراع". وأشار إلى أن "الفلسطينيين يريدون تدمير إسرائيل ولن يكتفوا بانسحاب إسرائيلي إلى حدود عام 67، وأكد يعلون أنه "لا يرى في الرئيس محمود عباس شريكًا في صنع السلام وإنما طرفا لإدارة الصراع"، مضيفًا: "عباس لم يعلن أبدا اعترافه بيهودية إسرائيل" على حد زعمهِ؛؛؛ و للأهمية بمكان نريد أن يعرف القارئ ما هو الحكم الذاتي وما يعني؟ وهو في أبسط تعريفه وباختصار: حق السكان الفلسطينيين حُكم أنفسهم بأنفسهم في بعض أمور حياتهم اليومية بدون حقوق سيادية"، ولا يعطي حقوقاً سياسية كاملة، أي حقوقاً تتضمن القدرة السياسية على تقرير المصير، سواء كان الحق فردياً أم جماعيًا؛ بل أنه يتحرى بأن يعطي حقوقاً إنسانية فردية (كحق التعبير، أو التنقل) كما ويسعى إلى إعطاء بعض الحقوق الإنسانية الجماعية (كحق تصريف الشؤون في البلديات). لكنه لا يسمح للفرد أو الجماعة أن تمارس حقاً سيادياً في تصريف شؤونها وبصيغة أخرى فيمكن القول أن الحكم الذاتي هو القدرة على تصريف الشؤون الذاتية ضمن مظلة سيادية لا يمكن التصرف بها؛ ويوجد توجه لاستبداله بالحكم الذاتي، تحت غطاء" تبريري" مفاده أن النية هي إعطاء سكان الأرض المحتلة حقوقهم الإنسانية وهو ما بات يحاول الاحتلال تنفيذه مؤخرًا ويحاول تخريب الأمور بالضفة وإشاعة الفوضى والفلتان وتقويض وإضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية والمنظمة؛؛؛ وقد بات واضحًا أن هناك حملة صهيونية أمريكية محمومة شنت مؤخرًا ضد منظمة التحرير والسلطة الوطنية والتي استهدفت وبشكل واضح انتزاع مصداقيتها على الساحة الدولية وإسقاط الشرعية الفلسطينية في معادلة التسوية المحتملة والتي تتردد الأخبار عن صفقة سلام عرابُها المتصهين توني بلير؛ وتريد حكومة الاحتلال تسويق هذا الحل بديلا للتفاوض؛ وسحقًا لحلم الدولة الفلسطينية، بعد أن هودت الضفة وجعلتها جُغرافيًا كُتل استيطانية مقطعة الأوصال وغير قابلة للحياة وتتضمن هذه الصفقة، كما يبدو حكما ذاتيًا للفلسطينيين في الضفة الغربية ودويلة أو إمارة في غزة مع ممر مائي عائم يصل حتي قبرص، أما بالنسبة لمحدودية الإمكانيات المادية لدولة غزة، فحلهُا بسيط وهو أن الأطراف المعنية بهذا المخطط قوى ودول نافذة ومتواطئة مع إسرائيل فلن تعوزها الحيلة لحل هذه الإشكالات ، فيمكنها مثلا تحويل ما تقدمه من أموال للسلطة المُقاصة– أو جزء منها - إلى سلطة حماس في قطاع غزة وهذا ما يجري بالنسبة للأموال القطرية والتركية، ويمكنها تشغيل بضعة آلاف من شباب غزة في بلدانها، وقد تعمل لاحقا على تمكين السلطة القائمة في قطاع غزة من نصيب من النفط والغاز المُكتشف في المياه الإقليمية للقطاع ، وكذلك تشغيل المنطقة الاقتصادية للقطاع، مع تسهيلات اقتصادية إسرائيلية والسماح بدخول عدة ألاف من عمال غزة لإسرائيل، ,أن تسمح إسرائيل لحماس من جني الضرائب من الشركات الكُبرى كشركة جوال وبنك فلسطين؛؛؛ وعراب هذه المؤامرة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وجيمس كارتر من قبلهِ وبدعمٍ من الغرب وبعض الدول الأوروبية؛ وتركيا وقطر؛؛ مما يتوجب علينا جميعًا الانتباه جيدًا لما يُحاك لنا والعمل على اسقاط المخطط الاستراتيجي الغربي والذي يسعي من خلالهِ إلى قيادة المرحلة الجديدة للشعوب العربية باسم الربيع العربي وتقسيم الدول إلى دويلات مذهبية وطائفية وحزبية متناحرة متصارعة خدمةً للمشروع الصهيوني؛؛ ولقد بدأت مرحلة السيطرة والتقسيم الغربي للمنطقة من خلال مخططات يطبقها وينفذها له مجموعة من المنتفعين الذين لا يمتلكون مبدأ أو ضمير يدفعهم للدفاع عن حقوق شعوبهم المحرومة؛؛ ومع استمرار الربيع العربي الدموي بات من الواضح أن دولاً أوروبية وغربية وشرقية بما فيها إسرائيل بالإضافة إلى بعض الدول الإسلامية والعربية أصبحت تتعامل مع حركة حماس، ليس من مدخل الشرعية الدستورية أو الدولية أو من منطلق التعاطف الإنساني مع معاناة سكان غزة والحصار الجائر على القطاع، بل من مدخل السياسة الواقعية والتعامل مع الأمر الواقع التي تقوم عليهِ المصالح القومية؛ حيثُ أن حركة حماس أصبحت السلطة الفعلية الواقعية في قطاع غزة والعنوان الذي يتم مخاطبته والتعامل معه عالميًا في كل ما يتعلق بقطاع غزة ، كالهدنة طويلة المدى وملفات الإعمار والمعابر والأسري الإسرائيليين الذين تم أسرهم في العدوان الصهيوني 2014م على غزة الخ، حتى أن بعض الدول العربية وبعد طول ممانعة أخذت تبحث عن صيغة ما للتعامل مع قطاع غزة تحت سلطة حماس ،لأن المصالح القومية والأمنية لهذه الدول لن تنتظر إنجاز المصالحة الفلسطينية للأبد؛ وتجسد هذا في اللقاءات التي شهدتها العاصمة القطرية الدوحة مؤخراً، حيث شهدت اجتماعاً عقده رئيس الوزراء البريطاني السابق ومبعوث الرباعية الدولية للشرق الأوسط، توني بلير مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، وهو الاجتماع الثاني، الذي يتم بين الاثنين خلال شهر ونيف ويبدوا أن هناك تقدّماً كبيراً في المفاوضات التي تجري بين الطرفين، وعنوانها "تثبيت التهدئة مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة؛ والممر المائي؛ ولكن لم يتم معرفة التفاصيل بصورة دقيقة للزيارة؛ خصوصاً وأن الشياطين في التفاصيل كما يقول المثل الإنجليزي". وهذه المفاوضات، تُعتبر تجاوزاً لـ"السلطة الشرعية ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني". و كما أشارت المصادر إلى أن بلير كان قد التقى خلال الأسابيع القليلة الماضية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس جهاز مخابراته العامة اللواء خالد فوزي، ومستشار الملك الأردني للشؤون الأمنية الفريق أول فيصل الشوبكي، وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إضافة إلى عدد من المسؤولين الإسرائيليين في مقدمتهم رئيس الوزراء الصهيوني زعيم عصابة المستوطنين بنيامين نتنياهو؛؛؛ وتأتي هذه اللقاءات في سياق التشاور والتباحث مع مختلف هذه الأطراف في الصيغة المناسبة التي يمكن التوصّل إليها للإعلان عن اتفاق جديد يلتزم فيه الإسرائيليين والفلسطينيين بتثبيت التهدئة، مقابل رفع كلي ودائم للحصار المفروض على قطاع غزة، وهو ما يشمل: فتح المعابر، وإعادة الإعمار، وفتح ميناء بحري، لإنشاء دويلة غزة؛ بالإضافة إلى ذلك، توجه وفد من حركة حماس برئاسة مشعل يوم الأربعاء الماضي إلى تركيا بهدف إجراء سلسلة محادثات مع مسؤولين أتراك من بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الحكومة التركي أحمد أوغلو. لاستكمال خيوط المؤامرة؛ وفي المقابل، تقول بعض المصادر الموثوقة أن وفدًا إسرائيليا برئاسة يتسحاق مولخو قد وصل أمس إلى القاهرة وعقد سلسلة لقاءات مع مصادر أمنية مصرية؛ وكل ما سبق يؤكد حقيقة مفادُها أن جهات دولية كُبري تتزعمها الولايات المتحدة وبريطانيا تحاور حماس على مخُطط دويلة غزة؛ وتفيد بعض المعلومات أن وفدًا رفيعًا كبيرًا من قيادة حركة حماس سيغادر قطاع غزة عبر معبر رفح للتشاور مع القيادة في الخارج حول اللقاءات التي عقدها خالد مشعل مع الرئيس التركي أردوغان ومع ومبعوث الرباعية بلير؛ وكل هذا يؤكد بلا شكّ أن هناك طبخة سياسية تلوح في الأفُق تطبخ على نار غربية وعربية هادئة توشك أن تنضُجّ قريبًا مُتجاوزةً شرعية منظمة التحرير الفلسطينية؛ ومتجاهلةً سنوات الكفاح والصراع المرير بين الشعب الفلسطيني الذي قدم الألاف من الشهداء والأسري والجرحى، ولازال يقدم ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم المُجرم.