لا يمكن تصديق أن العالم كله غير قادر على مواجهة «داعش» وأنَّ التحالف الدولي عاجز عن حماية أوابد تدمر وآثارها وأن هذا التنظيم قد تجذر في العراق وسوريا وأنه أصبح أمراً واقعاً في هاتين الدولتين المحوريتين وأن الجيش العراقي بالفعل لم يستطع ولن يستطيع تحرير الأنبار والموصل من هؤلاء الإرهابيين.. فهذا لا يمكن أن يقنع حتى أصحاب أنصاف العقول وهو يعني أن هناك «لغزاً» معيناً ستكشفه الأيام المقبلة القريبة أو البعيدة.
والسؤال هنا هو: هل سيبقى هذا التنظيم الإرهابي يزرع الرعب في هذه المنطقة وفي العالم لقرن كامل كما بقي «القرامطة» الذين فعلوا ما يفعله «داعش» الآن وأكثر لمائة عام أذاقوا خلالها المسلمين أبشع الويلات ومنعوا الحج إلى بيت الله الحرام لأكثر من عشرين عاماً وسرقوا «الحجر الأسود» ونقلوه إلى البحرين ليبقى هناك عقدين من الزمن وأكثر ؟!
كان بإمكان قوات التحالف أن تمنع «داعش» من الوصول إلى تدمر, التي سلمها جيش بشار الأسد إلى «قرامطة» هذا العصر تسليماً, وبخاصة وأن الدول المشاركة في هذا التحالف وعلى رأسها الولايات المتحدة كانت تعرف أن الجريمة التي ارتكبها هذا التنظيم في الموصل سوف يرتكبها في هذه المدينة التاريخية.. وهذا هو ما حصل فعلاً عندما ارتكب جريمة ثانية بتدمير ثاني المعابد التاريخية وكأن المقصود هو إلغاء تاريخ سوريا وهو «محْو» حضارة عمرها ألوف السنين !!
ألمْ يكن بإمكان طائرات التحالف أن تشكل إطاراً نارياً حول هذه المدينة التاريخية وأن تبعد عنها هؤلاء الإرهابيين القتلة وأن تقدم للجيش الحر والمعارضة السورية كل الدعم والإسناد لحماية هذه الصروح التاريخية التي تثبت أن الأمة العربية أمة حضارة وليست أمة جهل وبداوة كما يدعي المتشددون والعنصريون من «إخواننا» الإيرانيين الذين يدعون أن الإسلام يضم ثلاث أمم هي:الأمة الفارسية وهي أمة الثقافة والإبداع والفنون والأمة التركية وهي أمة محاربة لا تتقن إلا القتال والأمة العربية التي هي أمة بداوة لم تعط أي انجاز حضاري لا للتاريخ ولا للحاضر !!
والغريب فعلاً أنَّ قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية عندما قررت اتخاذ موقف جديٍّ وفعلي فإنها تمكنت, بالتعاون مع المواطنين المحليين, من إخراج مقاتلي «داعش» من عين العرب (كوباني) خلال أيام قليلة وهذا كان بالإمكان أن يحصل في «تدمر» التي كان من الواضح والمعروف أنها ستواجه هذه الأفعال الهمجية التي تواجهها الآن وهذا التدمير البدائي الذي استهدف أهم شواهد الحضارة الإنسانية.
حتى الآن لم تدرب الولايات المتحدة من المعارضة السورية إلا عدداً مخجلاً بالفعل تريد أنْ تهزم به «داعش» وحتى الآن فإنه باستثناء غارات الطائرات لا توجد أي جدية في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي.. فهل نصدق يا ترى أنَّه لم يكن بإمكان أميركا تحديداً توفير حماية لـ «تدمر»وأن تَحُولَ دون احتلال هؤلاء الإرهابيين لمدينة «الرقة» ودون احتلالهم لمناطق الحدود المشتركة العراقية – السورية وأن تمنعهم من السيطرة على آبار النفط في تلك المنطقة وحتى وإن اقتضى الأمر إحراقه ثم هل من الممكن أنْ نُصدِّق أن الأميركيين لم يكونوا يعرفون أن الموصل ستسقط وأن «الأنبار» سيتم احتلالها وفقاً لمسرحية مبكية – مضحكة.. فما الذي تريده واشنطن ولماذا نسمع على السنة بعض كبار جنرالات الجيش الأميركي أنه لا حل لمشاكل العراق إلَّا بالتقسيم.. وهذا أيضاً سمعناه مراراً وتكراراً عن سوريا !!