مفرح أن يأتي الأردن في رأس قائمة الدول العربية، وفقا لمؤشر حرية الإنسان الذي أصدرته ثلاثة معاهد أجنبية منتصف شهر أغسطس/آب 2015، والذي يخصّ ترتيب 152 دولة في عام 2012، فقد حل الأردن في المركز 78، بينما كانت الجزائر واليمن في نهاية القائمة العربية بحلولهما تواليًا في المركزين 146 و148. المؤشر أصدره معهد كاتو، ومعهد فريزر، ومعهد الليبراليين التابع لمؤسسة فريديريش نومان للحرية، بوّأ هونغ كونغ المرتبة الأولى، متبوعة بسويسرا، ثم فنلندا، فالدانمارك، ونيوزليندا في المرتبة الخامسة، بينما حلّت الولايات المتحدة في المركز العشرين. وهو يعتمد على قوة القوانين والأمن وحرية تنظيم الحركات وحرية إنشاء التنظيمات الدينية والعمل غير الحكومي وحرية الصحافة والتعبير، والحرية الفردية والاقتصادية، وقد صدرت إلى الآن منه عدة نسخ منذ عام 2008. تركيا احتلت المرتبة الثانية على صعيد ما يسمى «الشرق الأوسط» بحلولها في المركز 62، بعد عدونا اللدود إسرائيل التي حلت في المرتبة الأولى، والمركز 51 على مستوى العالم، بينما لم تأتِ الدول العربية إلّا ابتداءً من المركز 78 الذي حلَت فيه الأردن، ثم لبنان في المرتبة الـ87، فالبحرين في المركز 89، والكويت رابعةً بحلولها في المركز 97، ثم عمان خامسة، المركز 112. تونس أتت سادسة في القائمة العربية بحلولها في المركز 113، وبعدها مباشرة قطر، ثم الإمارات العربية المتحدة في المركز 117، أما المغرب، فقد حلّ تاسعًا بتراجعه إلى المركز 121، وبعده موريتانيا (127)، ثم مصر (136)، وبعدها السعودية (141)، فالجزائر (146)، لتأتي اليمن في نهاية القائمة (148). أما المركز الأخير في القائمة ككل، فكان من نصيب إيران. نفرح لتبوؤ الأردن المرتبة الأولى عربيا في هذا المؤشر، لكننا في الوقت ذاته، نحزن لتراجع كل الدول العربية، في الترتيب الدولي العام، وهو تراجع يذكّرنا بمكانة الأردن من حيث حقوق الإنسان، وفق تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان، الذي قال بوضوح «الجهود الحكومية لم تؤد الى توليد الزخم المطلوب والمأمول في تعزيز جذوة ربيع حقوق الإنسان في الأردن التي تفتحت عام 2013م عندما وجه جلالة الملك -بصفته رئيس السلطات الثلاث- السلطة التنفيذية والسلطة القضائية لدراسة توصيات المركز الشاملة في تقريره 2012م وتنفيذها» بل إن مهلة الثلاثة أعوام التي مُنحت للمُشرعين، لتعديل التشريعات لتصبح متوافقة مع الضمانات التي وفرتها التعديلات الدستورية للعام 2011 للحريات الأساسية، انتهت في تشرين الأول من العام 2014 دون إجراء إصلاحات جذرية على مواد قانون العقوبات، الذي يتضمن الكم الأكبر من التقييدات على حرية التعبير وحرية التجمع! وبين ذلك المؤشر، وتقرير مركزنا الوطني، تقف تقويمات منظمة هيومن رايتس ووتش حين انتقدت أوضاع حقوق الإنسان في الأردن، معتبرة إن مبادرات الإصلاح الأردنية التي أُطلقت أخفقت في وضع حد للانتهاكات طويلة المدى، في حين تواصل السلطات ملاحقة واعتقال المدنيين بسبب توجيه الانتقادات السلمية! كم هي الفجوة متسعة بين ما نقول، وبين ما نفعل، حتى بتنا لا نقيم وزنا لكثير مما نقرأ، عن إجراءات ليس لها من أثر على الأرض! كون الأردن عربيا، يعني ببساطة أننا نعيش في المكان الأفضل عربيا، من حيث حقوق الإنسان، لكنه مقارنة بما حققه الآخرون، تفصلنا مسافات طويلة !