حكومة الاحتلال الإسرائيلي تريد بناء جدار عازل بين الأردن وفلسطين المحتلة، كذات الجدار الذي بنته داخل الضفة الغربية، او بين فلسطين ومصر، وفلسطين ولبنان،وهي تعلن ان مخاوفها مما تسميه الارهاب الاسلامي، او تدفق اللاجئين العرب، إليها، السبب الأساس في بناء الجدار، برغم اننا نعرف ان الحدود آمنة!. الجدار سيبدأ من الجنوب، من العقبة ومطار «تمناع» الاسرائيلي الجديد، وبطول ثلاثين كيلومترا، ولاتمويل حتى الان لاكمال الجدار على طول يمتد اكثر من مئتي كيلو متر مع الاردن، لكن اسرائيل تبحث عن التمويل وستجده في نهاية المطاف، فأمنها يأتي اولا. دولة ُمسوّرة اذن. لكننا قد نفهم ان اسرائيل بنت جدارا مع مناطق تهددها بشكل او آخر، مثل مصر، وجنوب لبنان، او داخل الضفة الغربية، فما الذي يدفعها حقا، الى البدء ببناء جدار مع الأردن، في ظل عدم وجود تهديدات حالية، من الاردن، اذ لاعمليات عسكرية لتنظيمات عبر الحدود، ولاتدفق للاجئين ايضا، في هذا التوقيت. الارجح ان السر يعود الى قراءة اسرائيل المستقبلية للوضع في الاردن، وهذه القراءة التحليلية، قد تكون وراء استباق احداث كثيرة. الجدار ذاته اذا اقيم قد يمنع تسلل افراد من اجل القيام بعمليات، لكنه لن يمنع رشقات الصواريخ، مثلا، ولا كل محاولات التسلل بالمطلق، من جانب اي تنظيمات، وعلى هذا فأن الجدار يعني ضمنيا ان اسرائيل تتوقع ماهو اخطر من تسلل مجموعة لتنفيذ عملية، او تسلل لاجئين اليها، وتريد خفض الاخطار لا منعها كليا، عبر اقامة هذا الجدار. قرأنا مرارا تسريبات عن سيناريوهات اسرائيلية تتوقع ان تعم الفوضى في الاردن، ومرات ان تسقط الدولة تماما، وان يتحول الاردن الى اكبر تهديد للاحتلال، بحيث يصبح محطة او مستقرا لالاف المقاتلين او الجماعات التي تريد محاربة اسرائيل. المخاوف الاسرائيلية واضحة، من المستقبل، وربما هي تتكأ على قراءات تقول ان سلامة الاردن من فوضى الجوار، قد تبدو مؤقتة، في ظل هشاشة امنية في كل المنطقة، ومشاكل اقتصادية داخل الاردن، ولربما قراءتها للاعوام المقبلة، تجعلها تمد الجدار على طول حدودها مع الاردن، استباقا لاي احتمال. هناك جانب آخر يتعلق بحشر الفلسطينيين في الضفة داخل غرفة كبيرة فالجدار العازل في الضفة، سيمتد عمليا وبشكل مختلف جغرافيا، لحدود الفلسطينيين مع الاردن، وهذا جانب آخر من جوانب الجدار اذا تمت اقامته، فالضفة الغربية فعليا ستصبح داخل سور كبير ممتد على كل الاتجاهات، بما فيها الشرق، الذي يمثله الاردن في هذه الحالة. ربما على الأردنيين والفلسطينيين أيضا، ان يشهروا موقفا مؤثرا، بدلا من البيانات المنددة، فالجدار موجه ضدهما معا، ميدانيا، ومن حيث تحوله الى اشارة حول نبوءة اسرائيلية مخفية، بشأن مستقبل الاردن.