لم تعد المنظمات الفلسطينية مسلّية او مقبولة في سياق «المقاومة» و»التحرير»، فقد استرجعت روحية الاحزاب الفلسطينية في الثلاثينيات والاربعينيات، ما بين مجلسي ومعارض.. حسيني او نشاشيبي.
فالجبهة الشعبية، وهي تتعامل بالسياسة الحزبية لانها لم يعد لها بالكفاح المسلح إلاّ لافتة لتحرير فلسطين، الجبهة ترفض حضور اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني، الرسمي او الاستثنائي، وتعلن في الوقت ذاته الحرص على وحدة منظمة التحرير، فكيف ترفض وتحرص في موضوع واحد، فالمجلس الوطني هو اساس الوحدة الفلسطينية وإطارها الشعبي.
اما حماس فانها ترفض لانها لم توافق في الاساس على دور المجلس التشريعي ولم توافق على انشاء السلطة واتفاقات اوسلو، ولم تقبل بحدود 4 حزيران 1967، لكن كسبها انتخابات المجلس التشريعي للحكم الذاتي اعطاها قيادة الوزارة، ثم اتاح لها الانقلاب على الحكومة وليس على فرع غزة وحده، وقد بشمنا بمجموعة البيانات الصادرة عن حماس وفتح، وواحد منها من كعبة مكة، ومن عاصمة المعز، ولكي تكتمل الحالة الحزبية في التعاطي مع قضية مصيرية، ترفض حماس مبدأ اجتماع المجلس الوطني، مع انه يضم نواب المجلس التشريعي الستين.
طبعاً، لا يستطيع الفلسطيني العادي ان يقبل منطق الاحزاب القديم، فهو يرى بام عينه حالة تردي الاهتمام العربي والدولي بفلسطين وقضيتها، وحالة التمزق الداخلي للقوى الوطنية، يشعر بما هو أبعد من القنوط حين يشتم روائح المال الايراني فيها، او روائح المعونات الاميركية والاوروبية اذا استحقت في قبول او رفض التفاوض مع اسرائيل، فالسيد محمود عباس يعود فيقبل المبادرات الجديدة، ومستعد لاستمرار المفاوضات، في حين اننا نعرف انه تأكد ان اسرائيل استبدلت السلام بالاستيطان.
ونقول لاخواننا الفلسطينيين: لا ينفعكم المجتمع الدولي، ولا دافعو «الشرهات» إذا فقدوا انفسهم، وفقدوا قضيتهم، لقد حسب القادة انهم بحاجة الى المال للحفاظ على «الكوادر» ووجدوا ان الناس لا تدفع إلا مقابل خدمات، خاصة في منطقة محشوّة حشواً بالعقلية المخابراتية التي تقول: تأخذ او تقتل.
أفلست انظمة الخوف والرشوة ومن المؤسف ان احداً لم يعد معنياً بمقارفة السياسة القائمة على محاور خارج فلسطين وقضيتها، وخارج النضال التاريخي الذي لا يستحق قياداته وتجربتها المرّة مع جماهيرها، خاصة وانها تصدّت لاخطر واكبر هجمة بربرية قادرة على تجنيد العالم كله لقضية اغتصاب ارض واقتلاع شعب.