الواضح تماما ان هناك تعطلا في كل مدارات الحياة، والحكومات المتتالية لدينا باتت مهمتها تصريف الاعمال فقط، ولاتهتم بأي قطاع، بذريعة ان المهمة امنية فقط!. ماعلاقة الحكومات اساسا بالمهمات الامنية، فهذا شغل المؤسسة العسكرية بكل اجنحتها، وهي تؤدي مهمتها بشكل جيد منذ الربيع العربي، الى مانراه اليوم من تهديدات التطرف ومشاكل دول الجوار التي تطل برأسها علينا، وخمس سنوات من الحرائق مرت، كانت بردا وسلام على الاردن واهله. الحكومات لدينا، وكأنها وجدت فرجا من الله، فهي معطلة تماما، بذريعة الاولوية الامنية، وان لاصوت يعلو على صوت الامن، وهي هنا تتلطى خلف المؤسسة العسكرية والامنية لتبرر نومها العميق وفشلها في مهماتها الموكلة اليها، والمطلوبة منها. مااخبار القطاعات في البلد، من النقل الى الصحة مرورا بالتعليم والسياحة والاستثمار والنقل والبلديات والمحافظات وكل موقع في هذا البلد؟!. لماذا تتراجع كل هذه القطاعات، ولاتسعى اي حكومة لتحريك اي قطاع او حل مشاكل اي قطاع، ولاحتى اقناع الاردني داخل البلد بتسييل امواله المجمدة على شكل عشرات المليارات في المصارف، فوق مليارات الاردنيين في الخارج التي لايستقبطها احد بل نحتفل فقط بأقناع عربي بأن يستثمر مليونا من الدولارات في عمان؟!. الحكومة مثل «ام العروس» اي «فاضية مشغولة» فلا هي تؤدي مهماتها وتتذرع ان الاولوية الامنية تطغى على كل شيء، وان الامن والاستقرار هو الشغل الشاغل للحكومات، وان هذا العنوان يجعل التركيز على بقية الملفات اقل، او غائبا، لان «المرحلة تاريخية» ونحن في «منعطف تاريخي» الى آخر هذه التعبيرات المعلبة. حسنا. لنكون واضحين.شغل الجيش والمخابرات والامن، مختلف عن شغل الحكومة. فلماذا تريد الحكومات ان تقول لنا ان شغل غيرها هو شغلها، وان تشارك في الزفة، وهي ليست مدعوة اصلا، وعليها مهماتها الاساسية التي تعطلها وتتعرقل بها، بذريعة الاولوية الامنية. ماعلاقة الحكومات اساسا بمهمات الامن المختلفة، حتى تقول لنا انها مشغولة وغارقة حتى اذنيها بتفاصيل اخرى تجعلها لاتتنبه الى ملفاتها الاساسية؟!. هذا ضحك على الذقون، ولو كانت الحكومات مهتمة حقا بالاولوية الامنية، لركزت على كل الملفات الغائبة في الداخل، فهي بهذه الطريقة تخفف الاعباء عن المؤسسة العسكرية والامنية، وتجعلهما متفرغتين لمهمات اخطر، بدلا من اشغالهما دوما بالترقيع وراء الحكومات وعدم رضى الناس عليها. هذا يعني ان الحكومات تحولت الى عبء اضافي على هذه المؤسسات فبدلا من ان تنزع الاحتقان بين الناس، وتشارك حقا في صقل الاولوية الامنية وتخفيف الاعباء عن مختلف الاجهزة، باتت هما اضافيا على هذه المؤسسات. يراد هنا بصراحة ان نقول ان حكومات «ام العروس» اي «الفاضية المشغولة» في ذات الوقت، ظاهرة يجب ان تنتهي، وان تترك الحكومات العنوان الامني لاصحابه ولاهل الاختصاص، وان تخفف احمالها عنهم، من احمال الرعاية الى احمال الحماية وصولا الى احمال امتصاص الاحتقانات التي تسببها الحكومات جراء اهمالها الشارع، وكل ملفات البلد، التي يشكو الناس منها سرا وعلنا. حين تختبئ الحكومات لدينا خلف العنوان الامني، لتداري فشلها وضعفها، يصير واجبا هز شجرتها، والقول لها ان هناك قطاعات مجمدة في البلد، وقطاعات تتراجع، وهناك استسلام لكل هذا الوضع تحت عنوان فرعي يقول ان النجاة هي الاهم، ولاتعرف كيف يمكن ان يكون هناك نجاة في ظل استغراق الحكومات لدينا بالنوم في العسل واهمال كل قطاعات البلد، والتفاخر فقط بأرقام الخزينة، وبحيث تتحول الحكومات كلها الى موظفين في وزارة المالية، يطربوننا بالارقام، فيما الواقع على الارض مختلف تماما. لكم شغلكم ولهم شغلهم...فلا تقنعونا ان شغلهم هو شغلكم!