لا يمكن لأهل القدس ان يصمدوا في وجه تهويد المدينة، وفي وجه اوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، وان يدافعوا عن المسجد الاقصى، وهم في أسوأ احوالهم ،والكل يتفرج عليهم بوسائل مختلفة. السوار الاجتماعي مهم جدا لحماية المدينة، والمسجد الاقصى، وهذا السوار منهك متعب ولا يسمعون من اغلب العالم العربي والاسلامي سوى الكلام. من قمم عربية اقرت مليارات الدولارات للقدس فلم يصل منها دولار واحد، الى ارتفاع نسبة البطالة والفقر في المدينة، مرورا بالضرائب التي تؤدي الى مصادرة الممتلكات، وهدم البيوت، والتسلط على اهل المدينة بالمخدرات، وغياب الخدمات العربية، تبدو المدينة في أسوأ احوالها. كيف يمكن ان نصدق كلام العرب عن المقدسات، وهم يتركون المكون الشعبي الذي يحيط بالاقصى ضعيفا وفقيرا ومعدما، طلاب القدس يدرسون على حسابهم في اغلب الدول العربية، ومرضى القدس لايجدون مستشفيات مناسبة، ولايغطي احد علاجهم في الخارج، والعاطلون عن العمل لايجدون قرشا لمساعدتهم؟!. كيف يمكن ان نطلب من اهل القدس ان يقفوا في وجه الاحتلال وضرائب متاجرهم تؤدي الى تحطيمهم اقتصاديا وتفقيرهم؟!. كيف يمكن ان نطلب منهم ان يصمدوا وغرامات البناء على بيوتهم تؤدي الى هدم بيوتهم، ولاتجد اي مبادرة عربية او اسلامية، رسمية او شعبية، تقرر دفع غرامات البيوت، حتى تبقى على الاقل لاصحابها، ومن يقفون في وجه الاحتلال؟!. اعرف من حمل اوراق غرامات بيته البالغة خمسين الف دولار، ودار في نصف عواصم العرب ليجد احدا يدفع غرامة بيته حتى لايهدم فعاد مدينا بنفقات سفره فوق الغرامة التي تلاحقه بها اسرائيل، فلماذا لانجد على الاقل من يدفع غرامات البيوت وضرائب المحلات بأعتبارها سندا اقتصاديا؟!. يريدون من هذا الشعب المنهك ان يقف فقيرا في وجه الاحتلال، وهو يقف رجالا ونساء، ولايتلفت الى كل هذا الخذلان، ولايطلب ثمنا، لكننا نريد ان نقول ان هناك مشاكل كبيرة في ملف اهل القدس، مشاكل لابد من حلها، حتى يتمكن هؤلاء من مواجهة الاحتلال، وردعه عن غيه. كل الثراء الفلسطيني والعربي والاسلامي، لايدفع غرامة بيت واحد، والكل يتهم الكل، العرب يتهمون اثرياء فلسطين، والفلسطينيون يتهمون اثرياء العرب، والخلاصة ان الاغلبية من الجميع، سواء، لايفعلون شيئا، سوى الكلام. مدينة القدس ليست الاقصى وحسب، فهناك السوار الاجتماعي، سوار الحماية، وهذا السوار منهك، وبحاجة الى مساعدة، ولابد ان نسمع عن طرف واحد في حياتنا يعلن عن اي مبادرة، فحماية الاقصى لاتكون الا بحماية الناس، خزان الدم الذي يحميه، وبدون حماية هذا الخزان، يكون الجميع شريك في اسقاط المسجد الاقصى وتسليمه الى اسرائيل. هذا الخذلان الذي نراه ليس فعلا عاديا، اذ يوحي بالتواطؤ بشكل واضح وكبير مع اسرائيل، عبر ترك الناس فرادى بين فكي الاحتلال، ومن ثم الاستغراق بالدعاء لهم من بعيد، بأن يصمدوا في وجه اسرائيل. قيل هذا الكلام الف مرة، ومازلنا نقوله، فالاقصى ليس مجرد مسجد، وليس مجرد حجارة، فهو القبلة الاولى، وثالث الحرمين الشريفين، وهو مسؤولية في عنق كل واحد من امة المليار، فيما قدر الفلسطينيين الذين حوله ان يدافعوا عنه نيابة عن أمة بأكملها، وليس أقل من مساعدتهم ليثبتوا في وجه الاحتلال. حتى اثرياء العرب الذين يجمعون مئات الملايين لتغذية الثورات والتنظيمات هنا وهناك بذريعة الدفاع عن الاسلام، تنخرس السنتهم عند القدس، ويختفون بعيدا فالبوصلة عندهم تشير الى اي شيء عدا القدس. كل بوصلة لاتأخذنا الى القدس خائنة.