اينما وليت وجهك تصفعك الخيبة، تترك على خدك بصمة من دم قتيل في سوريا، او رائحة حريق في اليمن، او صوت تفجير في العراق . وعلى الخد الآخر تتوالى صفعات العدو الصهيوني على القدس عين العرب وبؤبؤها المسجد الاقصى.أمس كنت تتمنى لو انك شجرة اذ لربما يستظل بك مصل خرج لتوه من الاقصى بعد ان ادى صلاة الجمعة، او حجر يهاجم بك الشبان الفلسطينيون جنود الاحتلال في المواجهات التي عمت مدن فلسطين . المؤسف حد القهر اننا كمن يُفاجأ عند الصفعة العاشرة وليس الاولى، فقد «تمسحنا» دون ان نصبح تماسيح، اصبحنا سلاحف نبيت ليس في موسم الشتاء فقط بل في كل المواسم . فما يتعرض له المسجد الاقصى في هذه الايام اعلنت عنه اسرائيل منذ شهور وتطبق ما اعلنت عنه حرفيا : اقتحامات تدريجية وفق جدول زمني طليعتها اليهود الذين يسمونهم متطرفين، تتدخل الشرطة رمزيا بدعوى منعهم ، ثم تتدخل الشرطة لحمايتهم من المرابطين الذين لا حول ولا قوة لهم الا صدورهم العارية، ثم تدخل معهم كمقتحمين، ثم تمنع النساء من الصلاة في اوقات محددة لاخلاء الساحة للمتطرفين وتخصص بوابات محددة لدخول المسلمين ثم وباوامر نتنياهو يعاقب «قانونياً» الفلسطينيون الذين يرمون الحجارة على المقتحمين اليهود –يسميهم زواراً !! هكذا يتحول الجلاد الى ضحية والضحية الى جلاد . هكذا يتم تقسيم المسجد الاقصى، اولى قبلتي المسلمين وثالث الحرمين الشريفين، بين اليهود والمسلمين كما تم تقسيم الحرم الابراهيمي في الخليل، لا صلاة للمسلمين في وقت صلاة اليهود، ويصبح حائط البراق حائط المبكى اسما وصلاة ، وغداً يصبح ما وقع امرا واقعاً، يعتاد العرب على الوضع وتذهب موجة الغضب ادراج الريح لتقف عند الجدار الفاصل بين الكيان الاسرائيلي و فلسطين 1967 . في الستينيات من القرن الماضي زار الصحافي الهندي الشهير كارانجيا إسرائيل وأجرى حديثا مطولا مع موشي دايان وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك, وشرح دايان للصحافي الهندي أن إسرائيل ستدمر الطائرات العربية في مرابضها بضربة سريعة ثم تصبح السماء ملكا لها وتحسم الحرب لصالحها، وحينها تساءل كارانجيا باستغراب: كيف تكشفون خططكم بهذه الطريقة؟ فرد عليه دايان ببرود : لا عليك فالعرب لا يقرأون, وإذا قرأوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يطبقون . وحين عاد الى بلاده قام كارانجيا بتأليف كتابه الخطير بعنوان «خنجر إسرائيل» روى فيه تلك المقابلة قبل أن تقع حرب حزيران عام 1967، وعندما وقعت الحرب طبق الجيش الإسرائيلي كل تصورات دايان بحذافيرها التي ذكرها في مقابلته مع كارانجيا، وكانت توقعاته صائبة للأسف فلم يقرأ تلك المقابلة أحد ولم يستعد لها أحد. وللاسف كل العرب والمسلمين قرأوا وسمعوا خطة اقتحامات الاقصى والتقسيم المكاني والزماني . لكن، للاسف ايضاً ،انهم يفهمون لكنهم عاجزون متمسحون ولن يحركوا ساكنا حين يقيم اليهود الهيكل مكان الاقصى، ولا حياة لمن تنادين يا اختاه المرابطة في الاقصى، ويا اخي المدافع عن الدين فيما مدافع العرب تدك مدن العرب .الصهاينة يشنون علينا حربا دينية تاريخية ونحن نخوض ضد بعضنا حروبا عبثية، هم متفقون على يهودية كيانهم ونحن مختلفون على ديننا، متناحرون على لون الشمس وجنس الملائكة!!.