بالتأكيد أن التدخل العسكري الروسي في سوريا, الذي وصفه وليد المعلم وهو يكاد يطير فرحاً بأنه سيقلب موازين القوى, لم يُثرْ قلق بنيامين نتنياهو وأنه, أي رئيس الوزراء الإسرائيلي, لم يذهب إلى موسكو في هذه الزيارة السريعة الخاطفة من أجل هذه المسألة, التي لا شك أنه قد تطرق إليها في لقائه مع بوتين, ولكن من أجل مخاوفه من تطورات الموقف الدولي بالنسبة للقضية الفلسطينية وحيث كانت الأمم المتحدة قد اعترفت بفلسطين دولة تحت الاحتلال والمفترض أن يتم رفع العلم الفلسطيني بعد أيام قليلة فوق مبنى المنظمة الدولية في نيويورك.
إنه لا شك إطلاقاً في أنَّ بنيامين نتنياهو يعرف وتمام المعرفة بأن الأسلحة «الإستراتيجية» التي نقلها الروس إلى سوريا لن تصل إلى أيدي باقي ما تبقى من الجيش السوري الذي باتت إعادة تأهيله تحتاج إلى سنوات طويلة وأن نظام بشار الأسد لا يمكن أن يستخدم ضد إسرائيل ما يمكن أن يصل إليه منها فالمعروف أن دولة: «العدو الصهيوني» قد تحدته مرات كثيرة لكن المعروف أنه بقي يقابل تحديها ودائماً وأبداً بـ «روح رياضية» عالية !!
إن المؤكد أن بنيامين نتنياهو يعرف أن تورط الروس في سوريا كتورط الاتحاد السوفياتي في أفغانستان ستكون عواقبه وخيمة والمؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد ناقش هذه المسألة مع فلاديمير بوتين فإسرائيل تخشى من أنَّ الاحتلال الروسي لبلد عربي ومسلم سيستقطب تنظيمات إرهابية تحت راية «الجهاد» كتلك التنظيمات التي استقطبها الغزو السوفياتي للبلاد الأفغانية والتي مع تعقيدات المراحل اللاحقة تحولت إلى إخطار فعلية تهدد العالم بأسره.
هناك قضايا كثيرة لا بد وأن بنيامين نتنياهو قد استعرضها وقد ناقشها مع فلاديمير بوتين من بينها غاز البحر الأبيض المتوسط وتأثيره على الغاز الروسي ومن بينها مصير إيران ومصير حزب الله وباقي التنظيمات الطائفية, التي تم استيرادها من العديد من دول للقتال إلى جانب نظام بشار الأسد, إن المؤكد أن إسرائيل تخشى أي تواجد إيراني عسكري إن في سوريا وإن في هذه المنطقة لكنها لا يمكن أن تخاف وتخشى هذا التدخل الروسي الذي قال وليد المعلم أنه يعول عليه «لقلب الموازين» في المنطقة.
إن المعروف أن إسرائيل تعرف أنَّ سوريا ذاهبة للتقسيم إذا بقيت الأمور فيها تسير في هذا الاتجاه الذي تسير فيه ثم وبالتأكيد أن بنيامين نتنياهو قد قرأ تصريحات بعض قادة الأجهزة الأمنية الأميركية التي تنبأوا فيها بأن هذا البلد العربي ذاهب إلى الانقسام إلى ثلاث دويلات وأنه قد أعجب بهذه التنبؤات وفرح بها وربما أنه ناقشها مع الرئيس الروسي فالإسرائيليون منذ عهد ديفيد بن غوريون وموشيه شاريت وحاييم وايزمان وهم يعملون على تشرذم هذه المنطقة إلى كيانات مذهبية وأثْنية يكون لإسرائيل بينها مكانة بريطانيا في الكومونولث البريطاني.
هناك كل هذا الذي يجري في العراق وفي سوريا وفي لبنان واليمن وليبيا.. وهناك المشكلة الفلسطينية وهناك حزب الله وإيران وهناك «داعش» وحزب العمال الكردستاني – الكردي الذي يشتبك الآن مع القوات التركية في حرب استنزاف دامية وهذا يعني أن هناك الكثير مما جرى نقاشه في القمة الروسية – الإسرائيلية لكن يبقى أن أغلب الظن أن الموضوع الفلسطيني وما ستتخذه الأمم المتحدة من قرارات تجاه هذا الموضوع في جمعيتها العمومية التي ستجتمع في نيويورك بعد أيام هو الذي حظي بالاهتمام الأكثر في هذه القمة الروسية – الإسرائيلية .