عندما يتعلق الامر بالحالة السورية الراهنة، فلا بد من تأكيد حقائق أساسية أولها أن الشعب السوري ليس طرفاً في الصراع المسلح القائم. وحتى عندما انطلق ما يسمى الربيع السوري من درعا قبل أربع سنوات، كان في الواقع تحركاً للإخوان المسلمين قاموا به تحت شعار طائفي هو أن الأقلية العلوية تحكم الأغلبية السنية. وحتى لو اعتبرنا مظاهرات درعا ثورة شعبية سلمية فقد انتهى أمرها خلال أسابيع او شهور معدودة.
ثاني هذه الحقائق أن ما تسميه أميركا وحلفاؤها بالمعارضة المعتدلة لا وجود لها، فمن يحمل السلاح في وجه الجيش الوطني لا يجوز أن يوصف بأنه (معارضة) خاصة إذا كانت عناصره جاءت من 80 دولة عربية وأجنبية، ولا يمكن أن يوصف بالاعتدال لأنه عمل مسلح يقتل ويدمر ويعدم.
الصورة الحقيقة في سوريا هي صراع بين النظام الذي يمثل الدولة السورية وأجهزتها العسكرية والمدنية، وبين المنظمات الإرهابية وفي المقدمة داعش والنصرة وجيش الإسلام وجيش الفتح إلى آخره.
على الذين يتعجلون إسقاط النظام ويهاجمون روسيا لمجرد ما قيل عن تسليحها للجيش السوري بأنه يعني إطالة أمد الصراع، أن يقولوا لنا ما هو البديل الجاهز لاستلام السلطة إذا سقط النظام.
هناك شبه إجماع على الحفاظ على الدولة السورية، لكن الدولة اليوم هي واقعياً النظام والجيش، وليس هناك من يدّعي أن الدولة السورية المطلوب حمايتها من الانهيار هي داعش أو النصرة أو المنظمات الإرهابية الأخرى التي تقتبس أسماءً وأوصافاً إسلامية لتضليل الرأي العام.
في سوريا قوتان، الاولى هي النظام الذي يسيطر على النصف الحيوي من سوريا، أما القوة الثانية فهي الإرهاب المسلح الذي ينقسم بدوره إلى مليشيات متناحرة. ولو انتهى الصراع مع النظام فمن المؤكد أن ينشب بين المنظمات الإرهابية.
حركة اللجوء السوري إلى الدول المجاورة وأوروبا تشكل هروباً من الإرهاب مصدرها المناطق التي سيطر عليها الإرهاب. كما أن خمسة ملايين سوري نزحوا داخل سوريا بالهروب من المناطق التي وقعت تحت سيطرة الإرهاب إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة.
الخيارات المطروحة في سوريا اليوم هي النظام أو الإرهاب، ولا ثالث لهما.