في خضم ما تشهده القضية الفلسطينية من احداث جسام، تهدد مسيرتها الكفاحية، المعمدة بعشرات الاف الشهداء، والاف المعتقلين وبينهم قادة من كل اصناف العمل الوطني، وفي ظل التوغل الاستيطاني في الضفة وتحويلها الى جزر متناثرة، ودأب الاحتلال على مواصلة مشروعه بتقسيم الاقصى زمانيا ومكانيا، واستمرار الحصار على قطاع غزة، وما تشهده مخيمات الشتات من تدمير وتهجير واختطافها كرهائن بايدي تكفيرية عبثية.
هذه الاحداث، تفرض على ابو الهول ان يخرج عن صمته، ويصرخ، لكن القيادة الفلسطينية، تقف عاجزة، او مغيبة نفسها، عن جروحها، وكانها من الجوار، تكتفي بالشكوى او الادانة والاستنكار، وفي افضل الاحوال تصريحا يذر الرماد في العيون، للهروب من المسؤولية، ونيل صك براءة، بطريقة ما كلف الله صدرا الآ وسعها.
القائد محمد دحلان، بما يمثل من حالة وطنية وشعبية وفتحاوية، رمى بطوق نجاة عبر مبادرة من نقاط عدة، تناول فيها اسباب الازمة، والمخارج للحلول، مقتنعا ومركزا، ان عمل المؤسسات، وتفعيلها، هو ركن من اركان الحل، والشراكة الوطنية والسياسية، لا بد منها لتكامل العمل، وتضافر الجهود، انطلاقا من ان مصلحة الوطن، هي الاساس في مشروعنا الوطني.
لم يذهب في مبادرته، لمخارج تحتاج الى سقف زمني طويل، يسير معه بتواز مخطط الاحتلال، فتنتهي القضية قبل التوافق، قال لدينا المؤسسة والمشروع والبرنامج، لدينا كل الادوات المطلوبة، لكن جل ما نريده، هو الابتعاد عن سياسية الاستفراد والهدم، وعمليات الاستبدال بالمؤسسات من اتباع، الى رجال يحملون مسؤولية الوطن والمواطن.
هناك خطوات خلافية، تجاوزها الزمن ومنها قضية انعقاد المجلس الوطني، التي طالب بتأجيلها، والتحضير الجيد لها، التي كانت تشكل قنبلة موقوتة ستزيد الانقسام حدة، وتعمق التشرذم الفلسطيني، وتفصل كل جغرافيات الانتشار الفلسطيني وقد حصل ذلك التأجيل تحت ضغط الشخصيات والقوى والاصدقاء.
وبما اننا ذاهبون الى الجمعية العامة، والرئيس عباس، سرب المقربون منه، انه سيفجر قنبلة في خطابه، فنحن لسنا في زمن المفاجات والمعجزات، بايدينا من قرارات دولية شرعية، ما يكفي ان نعلنها،حتى يقوى وضعنا الفلسطيني، على الخارطة السياسية والجغرافية، وننتقل من مرحلة الانتظار، الى عنصر المبادرة الهجومية، التي تعزل الاحتلال، وتضعه امام مسؤولية المجتمع الدولي.
فما على الرئيس سوى، ان يدعو المؤسسات الوطنية القائمة، واللجنة العربية، لاتخاذ قرار، باعلان دولة فلسطين، واعلانها دولة تحت الاحتلال. هنا سيكون الجميع ملتفا حوله، باعتبار هذا المطلب يحوز على الاجماع الوطني والشعبي. وألا ما معنى قنبلة ومفاجئة، اذا لم يكتنفها الوضوح، حتى يسبقها الشعب بحملات الدعم، كأداة ضغط على المجتمع الدولي، كل المطلوب في هذه الخطوة، هو استعادة الثقة بين المؤسسات ودورها، والشعب الذي فقدها وافتقدها.
كما ذهبت المبادرة الى مقاربة نقاط مهمة وخلافية في الساحة الفلسطينية وهي التوافق حول لجنة وطنية مستقلة تشرف على الانتخابات قوامها قضاة فلسطين الإجلاء، وهي اهم قضية، حيث من يحكم الان، انتهت مدته القانونية، واستمر دورهم السياسي، وطالما لم يتوصلوا الى اتفاق، فعليهم العودة الى مصدر السلطات وهو الشعب، الذي يعيد منحهم الثقة او يحجبها، ليأت بقيادة تعالج كل مكامن الخلل. وإلى حين حدوث هذه الخطوة، يتم التوافق على قواعد و مرجعيات الشراكة السياسية و الوطنية بين كافة القوى و الفصائل و الشخصيات إلى حين انتخاب قيادة شرعية للشعب الفلسطيني .
وبما ان الجميع يريد ان يقاوم، ولكن وفق رؤيته، فيجب التوافق على برنامج كفاحي للمقاومة الشعبية كحق أصيل لشعبنا في مواجهة الاحتلال .
القضية في خطر، الشعب في مهب الريح، القدس تحت التهويد، لا مجال بعد للمناورات، فلا خطاب لا يرتكز الى الحقوق الشرعية والمشروعة للشعب، والقرارات الدولية، ولا شعارات فارغة مقاومجية، تعلن عن جيوش لتحرير القدس والاقصى، وتعلن النفير العام، وهي اعجز، من ان تخرج صوتها خراج صالوناتها، او ان تزعج اسيادها من عرب واقليميين. صوت العقل الذي طرح المشكلة والحل هو الأفضل والأرجح، والأسهل للتطبيق السريع قبل فوات الأوان، ووقوع الفأس بالرأس .