يعود العيد من جديد والعرب دون سائر شعوب الارض، يتواصل شلال دمائهم وتشردهم في ديارهم وفي الشتات، بحثا عن حياة اكرم وملاذ آمن، وبعضهم تلتهمه البحار وآخرون أذلة على حدود الغرباء، فقد ضاقت الدنيا بالعرب، واضحوا عبئا على البشرية التي ضاقت بهم هي الاخرى إلى حد التنازع على كيفية إقتسام لاجئيه بين مرحب ورافض وشامت ومتألم للمأساة.
لم يشهد العرب حالا كهذه التي هم فيها إلا إبان الجاهلية الأولى ربما عندما كانت حروبهم القبلية تستمر عقودا بسبب ناقة، فقد باتوا وكما قال بما معناه محمد صلوات الله وسلامه عليه كغثاء السيل، كثيرون ولا بركة فيهم وأثرياء ولكن فقراء في اللحظة ذاتها بلادهم افضل رقعة في هذه الدنيا واقدس مكان على وجه الارض ولكنهم نهب لقلة منهم باعوا انفسهم طائفيا للغرباء على حساب اوطانهم وشعوبهم وصاروا سببا في دمارها وهدر دمائها وخراب بيوتها.
هوالعيد إذن، فرصة للعودة إلى الحق وجادة الصواب لمن اراد، ولكن هيهات هيهات، فالسواد من الناس في ضلالة ما بعدها ضلالة، يتحاسدون ويتخاصمون وتشعل الشحناء والبغضاء وبلا سبب، نار الفتن والإحتراب والتباعد فيما بينهم، ويجهد الناصحون وهم بأمس الحاجة إلى النصيحة وانا منهم، في التنظير والتحليل ولكن دون جدوى، فقد إستفحل الداء وعز الدواء ولا حول ولا قوة إلا بالله.
من يخرج العرب من محنتهم وهم سببها غير الله جل في علاه، ومن ينقذ الأمة مما هي فيه من ذل وهوان غيره سبحانه وتعالى، وهو القائل إن عدتم عدنا، نسأله تعالى بين يدي العيد أن يرأف بحالنا وان يرفع عنا الضنك وقلة الحيلة، فلقد بلغ السيل الزبى واكثر، حتى مكان سجودنا في قدس الاقداس صار رهينة بيد عدو لا يرحم، ولم يعد لنا أدنى إعتبار سوى اننا قتلة إرهابيون نجز الرؤوس ونسبي الحرائر وعالة على البشرية كلها.