العيد كلمة مُشتركة بين كل الأمم والجماعات، كلٌ له عيده، هناك الأعياد الدينية والوطنية والقومية وأنواع أخرى تتعلق بالمهن والأمهات والآباء وغيرها.
نحن المسلمين لنا عيدان، كل منهما مرتبط بركن من أركان الإسلام ركن الصيام وركن الحج.
الحج قديم منذ زمن سيدنا إبراهيم عندما طلب منه الله سبحانه وتعالى أن يؤذن للناس بالحج، وقال له عليك البلاغ وعلينا الإجابة، ومعظم شعائرنا في الحج مرتبطة بسيدنا إبراهيم وزوجته، من طواف وسعي، حيث نسعى اقتفاء لأثر هاجر بين الصفا والمروة، ونرمي الجمرات حيث تعرض الشيطان لأبينا إبراهيم يثنيه عن تنفيذ أمر الله.
كانت العرب تحج وتقف بعرفة، وتطوف بالبيت، وتقف عند المشعر الحرام، ولكنها طقوس مرتبطة بالشرك والوثنية، وحتى قريش كانت تفيض من مزدلفة لوحدها باعتبارها زعيمة العرب، يذبحون عند الأصنام، وقديماً كانوا يطوفون بالبيت عرايا.
جاء الإسلام لينقي شعيرة الحج من كل شرك، ويجعلها خالصة لوجه الله، ومن باب التكاتف، فإن الوقوف بعرفة يقابله كل مسلم بالشعور الوجداني، ومن هنا كانت الأضاحي سُنّة، وهي من فداء الله سبحانه وتعالى لأبينا إسماعيل عليه السلام، وعلى هامش الموضوع فإن الدواوين عند الله ثلاثة: ديوان لا يقبل ما بعده إلا إذا قبل هو، وهو ديوان التوحيد، وديوان بين العبد وخالقه وهي العبادات وأثارها، وديوان بين العبد وأخيه الإنسان، وهو ديوان لا تساهل فيه، الله يتجاوز برحمته ما بينه وبين العبد، ونحن نجتهد أكثر في هذا الديوان وهو العبادات، ونتساهل كثيراً في ديوان البشر وعلاقتنا وحقوقهم، والله يجعل التسامح في هذا الديوان مربوطاً بتسامح صاحب الحق، أما الأخرى، فقد ربطها الله برحمته وحتى عندما ذكر يوم القيامة جاء في القرآن مربوطاً بالرحمة (وخشعت الأصوات للرحمن...).
في عيد الأضحى من يملك مالاً يضحّي، وأجرها كبير، ومن يملك مالاً وقدرة حج لأنه على المستطيع.
هناك عادات في العيد تعودت عليها الناس، ولكنها غير مستحبّة وهي فتح بيوت العزاء، فالعيد فرحة، وإن كان الجرح كبيرا والمفقود غاليا.
العيد رحم بين الناس وتزاور، ولقد ابتعدنا كثيراً عن المشافهة والتصافح والزيارة، وأصبحت معايداتنا إلكترونية وتلفونية، حتى بهجة الصغار قلّت عما كانت عليه أيّام البساطة، وفي ظل سوداوية الواقع، وتردي أوضاع الأمة، ومأساوية حال المسلمين، يذكرنا العيد بشاعر الأندلس، ودول الطوائف، وحروبها، وأبناء العرب والمسلمين وتشريدهم على ظهور السفن من الأندلس إلى المغرب العربي، وغيرها، حال المسلمين وأبنائهم، في ليل البحار، أو في المنافي والمخيمات، فليكن العيد مدخلاً لوحدة الأمة، فالحج أكبر مؤتمر يشهده المسلمون من كل أقطار الأرض على صعيد واحد، والقرآن يقول (ليشهدوا منافع لهم)، عيد الأضحى عيد كبير ومعانٍيه سامية، فلنحاول الاقتباس منها والاقتراب أكثر بدءاً من الأسرة والعائلة ومروراً بالمجتمع والدولة والأمة، هذا هو المعنى الكبير للعيد.