أخر الأخبار
الحرب تحتاج الى طرفين
الحرب تحتاج الى طرفين

الشعور العام لدى الفلسطينيين بمختلف مستوياتهم و توجهاتهم ان هذا الوضع المشحون من غير الممكن ان يبقى على حاله، وان تغيرات ستحدث او يجب ان تحدث في الاسابيع و ربما الايام القادمة. سواء كان في غزة المحاصرة و المحشورة في الزاوية او الضفة الغربية و القدس التي تئن من ممارسات المستوطنين بدعم و مباركة و تمويل من حكومة اليمين بزعامة نتنياهو.
كثيرة هي الاسباب التي تراكمت و ما زالت و التي تقود الامور الى اتجاه واحد وهو الانفجار . قد تكون بدايته في غزة القابله للاشتعال في كل لحظة، و قد تكون في القدس حيث استفزازات اليمين و المستوطنين و التي تجاوزت الكثير من الحدود حتى التي ألزم بها الاحتلال نفسه طوال سنوات مضت، و قد يكون الانفجار في الضفة التي تغلي على نار هادئة.
و اذا ما تم الاستعانه بالتاريخ لفهم ما قد سيحدث مستقبلا فأن الانتفاضتين الاولى و الثانيه قد انفجرتا في ظروف مشابهه . الاولى انفجرت عام ١٩٨٧ بعد اشهر فقط من عقد مؤتمر القمة في عمان و الذي ولاول مره منذ ٦٧ لم تكن القضية الفلسطينية هي القضية الاساسية على جدول الاعمال مما اصاب الفلسطينيين بالاحباط و كان احد اهم الاسباب في انفجار الوضع في غزة و الضفة، رغم ان الوضع الاقتصادي كان افضل بكثير مما هو عليه الان و كان حينها كل الشعب الفلسطيني بمثابة VIP، حيث لم يكونوا بحاجة الى تصاريح للتنقل بسياراتهم الخاصة في اي مكان من فلسطين التاريخية من ايلات حتى رأس الناقورة.
الانتفاضة الثانية انفحرت بعد زيارة شارون للاقصى و التي كان الهدف منها استفزاز الفلسطينيين و كذلك جزء من اللعبة السياسية الداخلية في اسرائيل، ولكن السبب الرئيس كان انهيار العملية السياسية و ما احدثه من فراغ و احباط لدى الفلسطينيين، تماما كما هو الحال في هذه الايام...اعتداءات في القدس وغضب فلسطيني من السلوك الاسرائيلي و في نفس الوقت فراغ سياسي و شعور بأن الموضوع الفلسطيني لم يعد على جدول الاعمال .
على الرغم من ذلك ، ليس هناك من شك بان الظرف الفلسطيني و الاقليمي و الدولي قد تغيرا منذ ذلك الحين ، وهذه التغيرات لن تعيق الانفجار و لكنها قد تؤثر على طبيعته و تداعياته. اهم هذه التغيرات ان الشعب الفلسطيني يئن ليس فقط من وجع الاحتلال بل ايضا من وجع الانقسام، و ان هناك احداث كبيرة و خطيرة تحدث في الاقليم و منها انهيار دول كانت سند للفلسطينيين و دول اخرى مهمه منشغله في دحر الاخطار الداخلية لكي لا تنهار هي الاخرى.
حتى اللحظة الثلاثة اطراف الرئيسية، كل له اسبابه و حساباته ، وهي اسرائيل و السلطة و حماس غير معنيين بالدخول في مواجهه شامله لادراكهم ان الثمن قد يكون مرتفعا ولا يساوي النتائج المتوخاه من هذه المواجهه الشامله.
اسرائيل لا تريد مواجهه لا في الضفة و لا في غزة ، حتى الان، حيث في الضفة ليس بالامكان ان يكون الوضع بالنسبة لهم افضل مما هو عليه الان. في غزة بعد ثلاث حروب طاحنة ليس لديهم حلول ، ولا يدعون ان حربا رابعه ستجعل الوضع بالنسبة لهم افضل مما هو عليه الان. على الرغم من ذلك، الاستعدادات سواء كانت في غزة او الضفة متواصلة لمواجهة اسوء الاحتمالات.
السلطة الفلسطينية ، وخاصة الرئيس عباس يحرصون على عدم خروج الوضع عن نطاق السيطرة لاسباب كثيرة اهمها ان الرئيس عباس يؤمن بالمواجهه الناعمة مع الاحتلال اضافه الى ما سيشكله انفجار الوضع من خطر على انهيار السلطة. على الرغم من ذلك هناك حدود للقدرة على الاستمرار في ضبط الايقاع في ظل ما يتعرض له و تتعرض له السلطة من ضغوط و ازمات.
كل هذا قبل ان يعرف ما هي طبيعة القنبلة التي قيل انه سيفجرها خلال خطابة في الامم المتحدة.
حماس هددت قياداتها قبل ايام بأنها لن تقف مكتوفة الايدي تجاه ما يحدث في القدس و الاهم تجاه استمرار الحصار الخانق، وهناك من ذهب ابعد من ذلك بأن التهدئة لم تعد قائمة. نفس الموقف اعلن من قبل قيادات من الجهاد الاسلامي، تبع ذلك اطلاق بعض الصواريخ، قد لا تكون لا من حماس و لا من الجهاد ، لكن بالنسبة لاسرائيل هناك ربط بين التصريحات التي اطلقت في النهار و بين الصواريخ التي اطلقت في الليل. على الرغم ان ما يهمها هو ليس التصريحات الناريه بقدر ما يهمها السلوك على الارض.
مع ذلك ، ورغم حالة الضغط التي تعيشها غزة و خاصة حركة حماس و رغم الاستعدادات المتواصلة من كلا الطرفين للمواجهة القادمة، الا ان حماس حتى الان غير معنيه في الدخول في مواجهه شاملة مع اسرائيل على غرار الجولات او الحروب السابقة.
حماس قد تكون معنية بمناوشات و مماحكات هنا وهناك من اجل الضغط و لفت الانتباه لتغيير الوضع القائم الذي لا يمكن تحمله الى ما لا نهاية، وحتى الان فمن الارجح ايضا ان هذا هو موقف الجهاد الاسلامي الذي يلتزم بهذا الخط.
في كل الاحوال فان العشرة ايام القادمة لن تحمل اي مفاجآت، وكل طرف سيحرص على عدم الانجرار الى استفزازات الطرف او الاطراف الاخرى.
اسرائيل لا تريد مفاجآت قبل عيد الغفران خلال هذا الاسبوع و الذي يليه عيد الاسابيع . و الرئيس عباس الغير معني بالانفجار اكثر من اي طرف يريد ان يحتفظ "بقنبلته" حتى اخر الشهر، وحماس بعد ان اوصلت الرسالة بأن الوضع بالنسبة لها لم يعد يحتمل ، من المؤكد انها لا تريد ان تدخل في اي مواجهه ، على الاقل خلال ايام عيد الاضحى المبارك. الا اذا حدثت تطورات خارجه عن ارادة الاطراف ، حينها لن يكون للاعياد اي اعتبار.