أخر الأخبار
عوامل غيرت قواعد اللعبة في سوريا
عوامل غيرت قواعد اللعبة في سوريا

المستجدات والتطورات والمتغيرات التي حدثت خلال عطلة العيد اثارت موجة من الاسئلة لدى المتابعين تفاصيل الازمة السورية، او الملف السوري. لماذا هذه الهرولة الغربية تجاه الحل السياسي في سوريا ؟
الحقيقة ان الملف صعب وكبير، والمشهد الدموي معقد وواسع، ولكن رغم ذلك يمكن الاجابة على جانب من السؤال والكشف عن بعض اسباب المتغيرات والمستجدات في الموقف الغربي من الازمة السورية :
اولا: السبب في هذا التحول يبدأ من صمود الدولة السورية طوال هذه المدة من الوقت ( خمسة اعوام ) وفشل الرهان الغربي القائم على سقوط النظام والدولة امام هذا الغزو المدعوم ماليا وعسكريا واعلاميا، وبالتالي فشل تطبيق السيناريو العراقي والليبي في سوريا.
ثانيا: امواج الهجرة المتتابعة، وتدفق اللاجئين السوريين باتجاه الدول الاوروبية كما الطوفان، وهو العامل الضاغط الذي احرج اوروبا فاخرجها، وبدأت هذه الدول في البحث عن وسائل لايجاد حل لمسألة اللاجئين، مرة باختلاف واضح في المواقف، ومرة بالمحاصصة في توزيع اللاجئين، وفي كل الحالات ظلت هذه الازمة تقلق الدول الاوروبية، وقد اعلنت الحكومات في معظم هذه الدول ضرورة وقف القتال والصراع في سوريا، وتراجعت خطوة الى الوراء، وربما قررت وقف دعم التنظيمات المسلحة المشتركة في القتال.
ثالثا: العامل الحاسم الأكبر، الذي ساعد في تغيير وجهة الريح على هذا المسار، وغيّر قواعد اللعبة، هو الموقف الروسي. عندما قرر الرئيس بوتين أخذ زمام المبادرة، وقرر علنا دعم الدولة السورية بالسلاح، بل المشاركة في القتال، في حال طلبت الحكومة السورية من موسكو التدخل، تحت شعار الحرب على الارهاب، وفرض حل سياسي بمشاركة النظام والمعارضة المقبولة، اراد بوتين، بخطوته المفاجئة، ان يبعث برسائل واضحة لكل الدول المعنية بهذا الصراع الدموي، والتي هرولت نحو القبول بالحل السياسي. ولكن الدول الغربية اعلنت باستحياء، انحيازها الى ضرورة التوصل الى حل سياسي للازمة في سوريا، فهي ما زالت خجولة ومضطربة في اعتناقها هذا النهج، لأنها تسعى الى «التكويع « بشكل تدريجي.
رابعا: ومن العناصر المسببة للتغيير في الموقف الاميركي - الاوروبي تجاه الحل في سوريا هو فشل برنامج التدريب الذي تبنته واشنطن وانفقت عليه مبالغ طائلة، وهذا الفشل سبب الكثير من الوجع والصداع الداخلي للادارة الاميركية التي تقف على عتبة الانتخابات الرئاسية الجديدة، والتي اضطرت الى الاسراع في الدعوة للتنسيق مع موسكو حول حل سياسي «يشارك في مرحلته الانتقالية الرئيس بشار الاسد».
ولكن رغم كل هذه المستجدات، وكل التصريحات الاميركية - الاوروبية، حول القبول بالحل السياسي، فالرئيس بوتين الحذر جدا، قد يكون على قناعة بعدم صدقية هذا القبول الاضطراري الغربي للدور الروسي، لأن هذا القبول لم ينتج عن قناعة ودعوة صادقة، وقد يكون الموقف مرحليا بانتظار اعادة ترتيب الموقف الغربي، لذلك، من المتوقع أن يسمع الرئيس الروسي، خلال اجتماعه مع الرئيس اوباما، تلميحات اميركية تعزز شكوكه، خصوصا حول الملف الاوكراني، أي الرد عليه في اوكرانيا، وهي القضية التي تشكل الخاصرة الرخوة لروسيا، وعلى حدودها.