ربط الملك بذكاء بين التطرف–بكل اطيافه الدينية–وما يجري في المسجد الاقصى، فهناك ارهابيون مسلمون، وارهابيون مسيحيون، وارهابيون يهود، وإذا كان على المجتمع الدولي ان يعاقب الارهاب فقد اعترف بنيامين نتنياهو ذاته بان هناك ارهاباً يهودياً أخذ شكل عائلة فلسطينية تم حرقها على يد مجموعات يهودية استيطانية ترعاها الدولة، ويساندها كل الذين يقبلون بكل ما تفعله اسرائيل في اميركا بالذات حيث يلتقي التطرف اليهودي بالتطرف المسيحي.
لقد نبّه جلالة الملك الى ضرورة تماسك كل جبهة الاعتدال في مواجهة التطرف وكافة اشكاله، واذا كنا قبلنا مبدأ الحرب على الارهاب الاسلامي واستعادة ديننا المختطف، فإن ذلك يعني ان هناك من يمارس الارهاب من غير المسلمين، وما يجري في الاقصى من محاولة احتلال يهودي لمسجد اسلامي كان اولى القبلتين التي صلى لها المسلمون بعد مكة والمدينة وثالث الحرمين، وذلك بتبرير مفاهيم دينية خاصة لم يثبت ابداً وجودها على الارض في اي زمن من ازمان التاريخ.
ما نريد ان نقوله ان داعش ارهاب، وان الصهيونية ارهاب، وان نادي الشاي ومتعصبي اليمين الاميركي بؤر ارهاب، ولا يصح ان يختطف احد ادياناً تشكل اكثرية سكان الارض ليفرض على الناس معتقداً محدوداً، جامداً معادياً لكل شيء.
الذين اخذهم الصياح في قاعة الجمعية العمومية، لم يفهموا عمق الفكر الذي طرحه عبدالله الثاني، وحتى الذين يصيحون الاقصى.. الاقصى تجنبوا حقيقة الدور الذي يلعبه الاردن في حماية اقداس المسلمين في المدينة المقدسة. وشكروا البرازيل وايران، ونسوا الاردن، وجعلوا من الاردن مجرّد شاهد على الضعف والخنوع العربي، والاردن ما ضعف وما خنع.. لكن مع الاسف هؤلاء الناس من امتنا، حملنا وجعها مرتين: مرّة بالقتال الشريف على اسوار القدس، ومرّة بتخوين الاردن لمصلحة مجموعات لم تحارب، ولم يكن لها اي دور منذ المعركة الاولى.
لم يكن دور الاردن في سوريا مجيّراً لاحد، ولا قبل اخلاقياً ان يسكت على الطغاة قاتلي شعبهم، وها هو الاردن يضم بجناحي العروبة والانسانية الوجع السوري بمليون وبعض المليون من اللاجئين.
ولعل رجل شهم كمبعوث الامم المتحدة لشؤون اللاجئين كان اذكى في توصيف الدور الاردني إذ حدد مراكز الاغاثة في مخيمين: فالاكثرية السورية هي في مدن الاردنيين وشوارعهم ومدارسهم ومستشفياتهم.